للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنَّ شاهِدَ الحال دل على أنها رؤيا سابقةٌ، (١ فإنه لو ١) كانَ للمستقبلِ، لما شَرَعَ في حملِ الولدِ، وسوقِهِ، واستصحاب (١ المُدْيةِ والحبلِ، وصرعِه ١)، ويجوزُ أنْ يكونَ قالَهُ بلفظِ المستقبلِ، لتتابع ذلكَ وتكرارِه (٢ ........ ٢) دوامُ الرخصِ، (٢ وكذلك قول إبليس للمَشركين: {إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ} [الأنفال: ٤٨]، يعني: رأيتُ ما لمْ تَرَوْا منَ الملائكةِ الذينَ أرسلَهُمْ الله سبحانه يومَ بدر لنبيه والمؤمنين، ولمْ يرد بهِ المستقبل، وإنْ كانَ بلفظِ المستقبلِ.

وأمَّا قوله: {افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} [فهو] دلالةٌ على أنَّ إبراهيمَ كانَ مأموراً، وقولهُ: {مَا تُؤْمَرُ}، يعني: ما أُمرتَ، وما تؤمرُ حالاً بعدَ حال، ووقتاً بعدَ وقتٍ، أوْ يكونُ افْعَلْ ما تؤمرُ في ثاني الحال من الذبحِ، أو غيرِهِ ممَّا يكونُ قبلَهُ من تعذيبٍ وإيلامٍ.

وأمَّا قولهم: إنَّهُ أمرَهُ بمقدماتِ الذبحِ، فلا يصح لوجوهٍ: أحدُها: أنَّ ذلكَ ليسَ بالحقيقةِ، لأنَّ حقيقةَ الذَّبحِ الشقُّ، قال شاعرُهم (٣):

كأنَّ بينَ فكِّها والفكِّ ... فأرةَ مسكٍ ذُبحت في سُكِّ

يعني: شُقَّتْ.

الثاني: أنَّ قرائنَ القول ودلائلَ الحال، تعطي أنَّهُ نفسُ الذبحِ لا


(١ - ١) طمس في الأصل.
(٢ - ٢) طمس في الأصل.
(٣) هو منظور بن مرثد الأسدي، من رجز له. انظر "اللسان" (ذبح)،
وانظر "التفقه في اللغة" لابن أبي اليمان (٦١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>