للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُمةٍ (١)، وأَنّهم رُكَّع سُجَّد، يبتغون فضلَ الله [و] رضوانه، وأَنهّم يأمرونَ بالمعروفِ، وينهونَ عن المنكرِ، والقرآنُ مقطوع به، فكيف نَتْرُكُ شهادةَ المعصومِ لهم بالعدالةِ، ونَرجعُ إلى أفكِ المُسمَّيْنَ بالشيعة، وأَن القوم كتموا نصَّ رسول الله على ابنِ عم رسوله، مع أن الله جعلَ المودة لهم مُكافأةَ الرسالةِ، وأَجْرَ الرسول (٢) - صلى الله عليه وسلم -، وإذا جاز اجتماعهم على ذلك، عدمنا الثقة بالجميع فيما نقلوه، ولم نأمن أن يكونَ هناك فرض زائد كتموه، وقد كان يومَ السقيفة (٣) نوعُ مقاولة من الأنصارِ والمهاجرين، فتَعلَّقَ هؤلاء بأنَّهم أهلُ الدارِ والإيواءِ والنصرةِ، وتَعلَّقَ هؤلاء بأنهم أهلُ الهجرة، وتعلقَ هؤلاءِ بأن أبا بكرٍ قَدَّمَه في الصلاةِ، والصلاةُ عمادُ الدين، وتعقَ المهاجرونَ بتقديمِ ذكرِهم في القرآنِ، وبوصيةِ رسولِ الله لهم بالأنصار، فكل ذكرَ حجته، فلم يَنْتصِرْ ناصر، ولا عثرَ عاثرٌ بنصِّ رسولِ الله يومِ غدير خُمٍّ، فيُقِيمَ الحجةَ، فإن جاءت الغلبةُ بالعنادِ والكثرةِ، كان ذلكَ من أكبرِ الطعنِ على المتغلبِ، فظهرَ عنادُه، وبانَ ظلمُه، فهذا طعن يعمُّ الكل على قولِ المخالفِ، فالصحابةُ (٤) بكتمهم وعنادِهم، والقرابةُ بإهمالِهم تقريرَ (٥) الحجة، وبيانَ ظلمهم، وأَنَّ


= الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: ٢٩].
(١) يشير إلى قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠].
(٢) وذلك في قوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: ٢٣].
(٣) انظر ما وقع في سقيفة بني ساعدة في "السيرة النبوية" لابن هشام ٤/ ٣٠٦ وما بعدها.
(٤) في الأصل: "والصحابة".
(٥) في الأصل: "تقرر".

<<  <  ج: ص:  >  >>