للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مدحَهم المدحَ المُفرِطَ، حتى جعلهم كالنجوم (١)، وما

أبعدَ هذا عن العقولِ السليمةِ، والمذاهبِ المنصفة.

ومنها: أن قالوا: قد تمَّ في نقلِ الأمورِ الظاهرةِ؛ كالإهلالِ بالحج، مع اشتهارِه، فهذا روى أنَّه أهلَّ بالقرانِ بينَ الحجِّ والعمرة، وهذا روى أنَّه أهلَّ بالإفرادِ، وهذا روى أنَّه جمعَ بين الجلدِ والرجمِ في حقِّ الثَّيِّبِ، ورويَ أنّه لم يجلد مع الرجمِ، واختلفوا في ألفاظِ الأذانِ بينَ تشفيعٍ وترجيعٍ، وبينَ عدمِ الترجيعِ، وتشفيع الإقامةِ، بل الإيتار لها، وبقي تشفيع الأذان، وهو أمرٌ ظاهر يفعل خمس دفعات في كل يومٍ، فبطلَ إحالتكم للإجماعِ على الكتمِ، وإيجابُكم (٢) للنقل.

فيقال: إنَّ ذلكَ يمكنُ الجمعُ بين الرواياتِ فيه؛ بأن يكون لَمَّا عَلَّمَ المناسكَ، عَلَّمَ كلاًّ منهم ما أرادَ الإهلالَ به، والأذانُ اختلف؛ لأنَّ أذانَ بلال يخالفُ أذان أبي محذورة (٣)، فما نقلَ إلا ما سمعَ منهم، وكانَ أبو محذورةَ نقلَ ذلكَ عن رسولِ الله، حيث كَرَّرَ عليه لفظ الشهادتينِ ليحببهما (٤) إليه، ويمرنه عليهما، والجلدُ والرجمُ ماجتمع فيه إلا إثباتٌ ونفي، والنفيُ ملغى، والإثباتُ


(١) وذلك بقوله: "أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم"، تقدم تخريجه ١/ ٢٨٠.
(٢) في الأصل: "اجابكم".
(٣) هو أبو مَحْذورةَ الجُمَحِيُّ المكيُّ الصحابي المؤذن، اسمه: أوس، وقيل: سمرة، وقيل: سلمة، وقيل: سلمان بن معير، وقيل: عمير بن لوذان، توفي بمكة سنة (٥٩) هـ.
انظر "الإصابة" ٧/ ٣٦٥.
(٤) في الأصل: "ليحببها".

<<  <  ج: ص:  >  >>