للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك، تَمَّمَ وسجدَ سجدتي السهو (١).

فيقال: إنَّه لا حجةَ في الخبرِ؛ لأنَّه قد يكونُ غيرَ واثقٍ بقول ذي اليدين لمعنى يخصُّه، ويجوزُ أن يكونَ قدَّمَ ما كانَ يجدُ في نفسِه من الإتمامِ على خبرِه، وإخبارُ الأنسانِ عن فعلِ نفسِه يحتاجُ إلى زيادةٍ على إخبارِه عن غيره، وعساه ذكرَ بعد ذلكَ عند قول أبي بكر وعمر، لا أنه أوقفَ العملَ على قولِهما، وعساه احتاطَ في ذلك.

على أنَّ قول أبي بكرٍ وعمرَ لا يُخرٍ جُ العملَ عن كونِه عملاً بخبرِ (٢) الواحدِ، ولا يخرجُ به خبرهما وخبرُ ذي اليدين عن كونهِ خبرَ واحد، إذ ليسَ ذلك بتواترٍ.

ومنها: أن قالوا: لو وجبَ العملُ بخبرِ الواحدِ من غيرِ دليل، لوجبَ قبول خبرِ من يَدَّعي النبوةَ من غير دليل.

فيقال: نعارضكم بمثلِه، فنقول: لو جازَ رد خبرِ الواحدِ من غيرِ دليل، لجازَ ردُّ قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من غيرِ دليلٍ، ولأنَّه إذا جازَ أن نقبلَ قول المفتي والشاهدِ من غيرِ حجةٍ، وإن لم نقبل دعوى النبوةِ من غير حجة، جازَ أن نقبلَ خبرَ الواحد، وإن لم نقبل دعوى النبوةِ من غير حجةٍ.

وعلى أنَّ خبرَ الواحدِ لا يقبلُ إلا بدليلٍ، وهو ما دلَّلنا به على العملِ به من الكتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ، وفارقَ دعوى النبوة؛ فإن هناك لم تعلم نبوته إلا من جهةٍ، وهو ما يوجب القطعَ والعلمَ، ولم يقم دليل على صحته، فلم تثبت، وهاهنا الشرعُ قد ثبتَ قبلَه، وعلم


(١) تقدم تخريجه ٢/ ٥٥٠.
(٢) في الأصل: "عن خبر".

<<  <  ج: ص:  >  >>