الأولَ ظنٌّ، إذ لا تقبلُ القطعُ زيادةً، بدليل العلم الحادث عن المخبرين الذين لا يجوزُ عليهم التواطؤ أو الكذب، لَما بلغ طبقةَ العلمِ، لم تقبلِ التزايدَ، وكذلك العلم الثابت بأدلةِ العقولِ لا يحتملُ الزيادة.
ومنها: أنَّ خبرَ الواحدِ لو أوجبَ العلمَ، لَمَا كان مما يَختَلُّ بخبرِ آخر بضدِّ ما أخبرَ به المخبر الأول، أو بخلافه، فلمَّا وجدنا أنَّ الواحدَ الثقةَ إذا أخبرَ بالخبرِ، فروى لنا ثقة آخرُ بخلافِ ما رواه الأَوَّلُ، زالَ ما كُنا نجدُه في نفوسِنا من خبرِ الأَوَّلِ، عُلِمَ أنَّ الأولَ لم يكن علماً.
ومنها: أنَّه لو كانَ خبرُه يوجبُ العلمَ، لأوجبَ التَّبرُؤَ بينَ العلماءِ، والتفسيقَ للمخالفِ والتضليلَ، كأخبارِ التواترِ وأَدِلَّةِ العقول؛ لَمَّا أوجبتِ العلومَ، لا جَرَمَ أوجبت التبرؤَ مِمَّن خالفَ فيما أوجبه، وتضليلَه.
ومنها: أنَّه لو كانَ خبر الواحدِ يوجبُ العلمَ، لكانَ المُخبِرُ بالنبوة يكفي خبرُه بمجردِه في تصديقه، ولا يحتاجُ إلى الإعجازِ، وإقامةِ الدلالةِ على صدقِه، فلمَّا لم يُصدقْ بمجرد خبره، عُلِمَ أنه لا يُوجِبُ العلمَ إلا ما قام على صِدْقِه من المُعجِزِ.
وكذلك الشهادةُ عند الحاكم، لو أوجبَت العلمَ، لما افتقرت إلى العدالة والتزكية.
ومنها: أنَّه لو أوجبَ العلمَ، لكانَ يعارضُ خبرَ التواتر، كما يتعارض الخبران؛ إذا كان كلُّ واحدٍ منهما خبرَ واحد، فلمَّا لم يُؤثَرْ خبرُ الواحد مع خبر التواتر، بل ألغيناه، وأسقطناه، عُلِمَ بطلانُ