للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دعوى المخالف في كونه موجباً للعلم.

ومنها: أنَّ خبرَ الواحدِ يصحُّ التشكيكُ فيه بخبرٍ آخرَ؛ بخلاف ما أخبرَ به، أو برجوعه عمَّا رواه، ولو كانَ موجباً للعلمِ، لما وقعَ الشكُّ بمثله، ولما كان الشكُّ واقعاً في خبرِ الأول بخبرِ الثاني، وفي خبر الثاني بخبر الأول، علم أنَّه كان ظنّاً، فلمَّا قابله ما يوجبُ ظناً، تَجدَّدَ الشكُّ عند تقابلِ خبريهما.

ومنها: أنَّه لو كان موجباً للعلم، لوجبَ إذا قابله خبرُ تواتر أن يتعارضا، فلما قُدِّمَ خبر التواتر، عُلِمَ أنَّه غيرُ موجبٍ لما يوجبُه الخبر الموجب للعلم.

ومنها: أنَّ التأثير في قلب السامع مبنيّ على أمورٍ تحصل في قلبِ المخبر، وهي صفات مخصوصة، فإذا كان المخبر معصوماً من الكذب، أثّرَ في قلبِ السامعِ نفي تجويزِ الكذبِ، فصار بخبره قاطعاً، فأمَّا الواحدُ المُجوَّزُ عليه السهوُ والغلطُ والتحيلُ والكذبُ، فلا وجهَ لحصولِ علمِ السامعِ بصدقِه فيما أخبر به، وأكثرُ ما يتحصَّلُ ترجيحُ صدقِه لنوع ترجح في صفاتِه، من كونه عدلاً، مأمونَ القولِ (١) والفعل.

ومنها أن يقال: إن تأثيرَ العلمِ في القلبِ إنما يَقَعُ (٢) بطريقٍ يصلحُ، كما أنَّ الظنَ لا يحصل إلا بطريقه، والشكَّ بطريقه، فإن الأصلَ الجهل، فإذا لاحَ للقلبِ أمرانِ متكافئان في الإثباتِ والنفي، أَوْرَثا شَكّاً وتَردُّداً متكافئاً، وإذا تَرجَّحَ أحدُهما بما يترجحُ به


(١) في الأصل: "للقول".
(٢) في الأصل: "يقطع".

<<  <  ج: ص:  >  >>