غيرِه له، وهذا يقتلُ الأبَ بابنه ذبحاً مع خلافِ غيرِه له، فلم يوقفوا القتلَ على القطعِ.
وأما ما تعلَّقَ به النظَّام، بخبرِ الواحدِ مع الأمارةِ، فلا نُسلِّمُ أنه يقعُ بها العلمُ، بل هذه عينُ الدعوى، وشرحُ المذهب.
وكيف يُعتقَدُ ذلكَ، ونحنُ نعلمُ أنَّ مثلَ تلكَ الأمارةِ تقعُ تزويراً؟ وكم فعلَ النَّاسُ مثلَ ذلك، لأغراضٍ بلغوها، مثل وضعِ الدمِ على قميصِ يوسفَ، ووَضْعِ يوسفَ بضاعتهم في رحالِهم، ووضعِه الصُّواع في رحلِ أخيه، وكانوا أحبارَ العالم، وأولادَ الأنبياء، فكيف بأهلِ عصرِنا على ما نعرفه منهم؟ وكم من لَوْثٍ كانَ موضوعاً على غيرِ الجاني، وكم من غشيةٍ حسبَها أهلُ المريضِ موتاً، وكانت إغماءً وضعفاً، قال الله سبحانه في حق سليمان:{نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا}[النمل: ٤١]{قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً}[النمل: ٤٤]، وإذا كان حكمُ الأَماراتِ على هذا الوضعِ، فلا ثقةَ إلى أمارةٍ على حدتها، ولا خبرٍ واحدٍ على حدتِه، فإذا اجتمعا، فلا قطعَ، بل غايةُ ما يوجبُ ذلك تَرجُّحَ أحدِ المُجوَّزين، وهو الذي نشيرُ إليه من الظنِّ، وكم رأينا مَن فعلَ ذلك وسمعنا، لدفعِ ضررٍ، أو اختلاف يقعِ، وكم استعارَ النساءُ أولاداً، وأظهروا الطلقَ، وانتفاخَ البطنِ، ثمَّ بان أنَّ الولدَ كان مُزوَّراً، فمتى سلمَ لكَ حصولُ العلم، مع اتجاه هذه الأفعالِ، وسلوكِ هذه المسالك؟! وإنّي لأَسْتكثِرُ الظنَّ فيه، فضلاً عن العلمِ؛ لما نعرفُه من أَدْغالِ الناسِ.