للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَمِل في حقِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

وأمَّا ما وجَّهوهُ من الأسئلةِ على الأخبارِ، وقولهم: إنْها أخبارُ آحادٍ توجبُ الظنَّ، وإنَّ كلامَنا في أصلٍ يقتضي القطعَ، فليسَ بصحيح؛ لأَنَّ هذه الأخبارَ مُتلقّاةٌ بالقَبولِ، ومعَ كثرتِها وسلامة طرقها لا يجوزُ أَنْ تكونَ كذباً، أو هي تواترٌ منْ طريقِ المعني، فهيَ كشجاعةِ علي، وسخاءِ حاتمٍ (١)، وفصاحةِ قُس (٢)، وفَهَاهَة باقِلِ (٣)، وبُخْلِ مادِرٍ (٤)، فإنَّ ما ورد في حقِّهم من أخبار صارَ بكثرتِهِ تواتراً في الجملةِ، وإنْ كانَ آحاداً في التفصيلِ.


(١) هو: الطائى، انظر ما تقدم في ٢/ ١٣٩.
(٢) في الأصل: "قيس"، وقُس: هو: ابن ساعدة الإيادي، انظر ما تقدم في ٢/ ١٣٩.
(٣) في الأصل: "باقيل"، وانظر ما تقدم في ٢/ ١٣٩.
(٤) هو رجل من بني هلال بن عامر بن صعصعة، سار به المثل في البخل، وحمي مادراً لانه سقى إبله فبقي في أسفل الحوض شيء من الماء، فبخل به أن ينتفع به غيره فسلح فيه ومدر الحوض بالسَّلح، أي لطخه وطلاه. "شروح سقط الزند" ٢/ ٥٣٥.
ولقد أجاد المعريُّ في قوله:
إذأوصف الطائىَّ بالبخل مادرٌ ... وعيَّر قُسًّا بالفهاهة باقلُ
وقال السُّها للشمس أنت خفيَّةٌ ... وقال الدجى يا صبح لونك حائلُ
وطاولت الأرضُ السمَّاءَ سفاهةً ... وفاخرتِ الشُّهبَ الحصى والجنادلُ
فيا موتُ زر إنَّ الحياةَ ذميمةٌ ... ويا نفسُ جدِّي إنَّ دهركِ هازلُ
"شروح سقط الزند" ٢/ ٥٣٣ - ٥٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>