حكمِها أسبقُ، وهم بِه أليقُ؛ لأنّ الصّحابةَ أحقُّ بالحثِّ على اتباعِهم، والوعيدِ على اتباع غيرِ سبيلهم، لأنّ لهم مزيّةَ السَّبقِ إلى التصديقِ والاتباع والاجتهادِ، وقدْ أجمعوا على حكمٍ هو التسويغُ، فلا وجهَ لاتِّباع سبيلٍ هو غير سبيلِهم، وهوَ رفعُ التسويغ الذي أجمعوا عليهِ.
وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم -:"أمتي لا تجتمع على ضلالةٍ، ولا على خطأ"، فينفي الخطأَ عنِ الصّحابةِ فيما أجمعوا عليهِ مِن تسويغ الاجتهادِ.
وأمّا قولُهم: إنّه اتفاقُ علماءِ العصرِ على حكمِ الحادثةِ، فقدْ سبَقَه اتفاقُ علماءِ العصرِ الأشرفِ، والقرنِ الأفضلِ على تسويغ المجتهدِ في حكمِ الحادثةِ، ولا يجوزُ اعتبارُ إجماع تقدَّمَه إجماع قبلَه بإجماع لم يتقدَّمْه إجماع قبلَه، ألا ترى أنّ الاختلافَ فيما لم يتقدَّمْه إجماع على حكمٍ واحدٍ، جائزٌ سائغٌ، والاختلافَ فيما تقدَّمه إجماع لا يجوزُ إحداث قولٍ آخرَ، ويُعتَبر المعنى بقولهم: إجماعٌ تقدَّمه خلاف لا يدفع المعصوم، وهو أنّه إجماع تقدّمهُ إجماع في الحقيقةِ، وهو إجماعُهم على التسويغ (١ لإجماع لم يَتَقدَّمه ١) اختلاف رأساً، فإنّه اتفاقٌ لا يفضِي إلى مخالفةِ اتفاقٍ قبلَه، وها هنا بخلافِه.
وأمّا قياسُهم على إجماع الصّحابةِ على أحدِ قولينِ اختلفوا فيهما؛ فلأنّ من شرطِ الإجماع انقراضُ العصرِ، وهم ما داموا أحياءً في مهلةِ النظرِ، والإجماعُ منهم ما استقرَّ؛ لأنّهم كانوا في طلبِ الدليلِ، فلا يُجعَلُ