للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها؛ بيانُ إفسادِ القول بالتقليد: أنَّ التقليدَ إنما هو الرُّجوعُ إلى قولِ الغيرِ، وقد ثبتَ أنَّ الاختلافَ حاصل بين مثبتٍ وناف، وموجب ومسقطٍ، ومحرمٍ ومبيحٍ، فإن قلدَ الكلَّ لم يصحَّ، فإنه لايصحّ أن يكونَ جامعاً بين الإثباتِ والنفي، والإباحةِ والحظرِ. وإن رجعَ إلى قولِ أحدهمِ، فلا وجهَ لتخصيصِ أحدِهم بالتقليدِ له والاتباع مع كون الآخر مساوياً له، فلا بدَّ من نوع ترجيحِ، وذلكَ لا يحصُلُ إلاَّ بالنَّظر الموجِبِ لترجيح قولِ أحدِهما على الآخر، والترجيحُ لايحصلُ في نفسِ من يقلِّده، بل في دليلِه وما أوجب له القولَ بذلك المذهَبِ، وهذا هو النظر الذي ندعوا إليه، ونوقِفُ عِرْفانَ الحقِّ عليه.

ومنها (١): ....... والمُتنبِّىءُ يدَّعي مثل ما يدَّعي النبيُّ، ولا مفزغَ لنا إلاَّ إلى النًظر المفرِّق بين الصَّادق والكاذب في المعجِز والمخرقة، فبطلَ القولُ بالتقليدِ.

ومنها: أن يقالَ: إنَّ مقالتكم هذه إذا دعوتم إليها مَنْ خالفَكم فيها بدليل ونظر، فإن دعاكم إلى مقالتِه فقال: أنا أدعوكم إلى مقالتي، ولستُ في دعائي لكم خارجاً عن معتقدِكم، بل أدعوكم إلى التقليدِ الذي هو طريقٌ لإصابةِ الحقِّ عندكم، ما الذي يكون جوابُكم؟ فلابدَّ من أحدِ أمرين: إمَّا وقوفكم وإيَّاه موقفا واحداً، أو عدولكم إلى بيانِ ما يوجبُ اتباعَه لكم دون اتباعِكم له، ولايحصلُ ذلك إلا بدليلٍ يصدر عن نظرٍ واستدلالٍ.


(١) بعدها طمس في الأصل بمقدار أربعة أسطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>