للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محتملةٌ لتعلُّقِ الحكمِ بها، ومحتملةٌ أن لايتعلق الحكمُ بها، وأن يكونَ الحكمُ في الأصلِ غيرَ معلولٍ أصلاً، أو معلولاً عندَ الله بغيرِ ما ظنه القياسُ عليه، وما يصحُّ فيه هذا التجويزُ والاحتمالُ، لايكونُ دليلاً موصلاً إلى العلم.

فيقالُ: إننا متى غلبَ على ظنِّنا أنها علةٌ للتحريمِ أو التحليلِ بالطرد والجريانِ (١)، أو بالتأثيرِ، أو المقابلةِ والتقسيمِ، وجبَ بعد غلبةِ ظننا لذلك، القطعُ على أنها علةٌ للحكم، وصارَ غلبةُ الظنِّ لكونِها علةً، علماً قاطعاً على وجوبِ تحريمِ كلِّ ما وجدت فيهِ من غيرِ شكِّ في وجوبِ ذلك، وأنه حكمُ اللهِ الذي لاحكمَ لله غيرُه، كما لو قال: إذا ظننتَ أنَّ زيداً في الدارِ، ووجدتَ الظنَّ كذلكَ من نفسِك، فقد جعلتَ ظنك لذلكَ علماً على تحريمِ الطعامِ والشرابِ قطعاً عند ظنِّك كونَ زيدٍ في الدار، بتحريمِ ما جُعِلَ ذلك عَلَماً على تحريمه من غير شك وتجويز لخلافِ ذلك، فبَطلَ ما قالوه.

فهذا على قولِنا: إنَّ كلَّ مجتهد مصيب، وأمَّا إنْ قلنا: بأنَّ الحقَّ من قولِ المجتهدين في واحدٍ، فلا يمكنُ أن نقولَ: إنَّ ما غلبَ على ظنِّ المجتهدِ هو الحقيقةُ والقطعُ، وإنه حكم الله، وإنَّ ما ظنَّ المجتهدُ أنَّه علةُ الحكمِ هو العلةُ للحكم عند الله، لكنا نقولُ: إنها علةُ الحكمِ في غلبةِ الظنِ، وذلكَ كافٍ في إبطالِ ما تعلَّقوا من الترددِ، وأحكامُ الشَّرع على هذا؛ بدليلِ ما يرويه الواحدُ عن صاحبِ الشَّرع متردِّد، لكن تَرَجُّحُ خَبَرِهِ إلى جانبِ


(١) في الأصل: "والحرمان".

<<  <  ج: ص:  >  >>