للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال لهم: لسنا نخبرُ عن تحريمِ النَّبيذِ بالقياسِ، بل نخبر بذلك عن إخبار الله لنا بذلك، إذ قامت الدِّلالةُ عندنا على ثبوتِ القياسِ وأنَّه سبحانَه قد تعبَّدَنا به، وجعلَ العلَّةَ التي يستدلُّ عليها هو طريق العلم بصحتها، وغلبة الظن لكونها علة وعلامة، على أنه إذا وجدت فيه فحكمُه كذا وكذا، فكنا حينئذٍ مُخبِرين بإخبارِ الله عزَّ وجلَّ بتحريمِ الفرع بالخبرِ الذي حرمَ به الأصل، وصارَ ذلك بمثابةِ أن يقول لنا: إذا ظننتم أنَّ زيداً في الدارِ، فاعلموا أنني قد حرمت عليكم الطّعامَ والشَّرابَ والكلامَ، فإننا مع هذا القولِ إذا غلبَ على ظنِّنا كونه في الدارِ، علمنا قطعاً أنَّ الله تعالى قد أخبرنا بتحريمِ ذلك، وكذلك لو قال: إذا علمنا كونَ زيدٍ في الدَّارِ، فاعلموا أنَّ خالداً في المسجدِ، وجبَ متى علمنا أنَّ زيداً في الدارِ أن نعلمَ أنَّ خالداً في المسجد، وكنا مُخبِرين بذلكِ عن إخبارِ الله سبحانه لنا، لا بقياسٍ، ولا بكونِ زيدٍ في الدار.

وكذلكَ لو قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: إذا تركتُ يدي على رأسي، أو تقلَّدتُ سيفي، فاعلموا أنَّ الله قد حرَّم عليكم كذا وكذا، كان ما نَشْهَدُهُ من تركِ يده على رأسه، أو تَقَلّدِهِ لسيفه، علامةً على أنَّ الله سبحانه قد أخبره بتحريمِ ذلك الذي أشارَ إليه، فنكونُ مُخبِرين بخبره عن اللهِ، لا بتلكَ الأمَارة.

وجوابٌ آخر: وهو فيما تعلَّقوا به من هذه الشُّبهات لنفي القياس، إنما هي شُبُهاتٌ لا يجوز أن يكون مثلُها نافياً للقياس، ولا دلالة على نفيه، وفي إبطالِ القياس بمثْل هذا ينقلب عليكم ما ذكرتم، فيقال لكم: إنكم

<<  <  ج: ص:  >  >>