للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خيراً" وهذا يَدُلُّ على ذَوِي الحِجَا منكم: أَنَّ الأَمْرَ فينا دونَكم؛ إذ لو كان فيكم، لأَوْصاكُم بنا (١). وهذا كُله نَظر واستنباط عندَ عَدَمِ النصِّ.

ومِن ذلك: تَصرُّفُ أَبي بكرٍ في الخِلافةِ برَايه، ونصُّه على عُمرَ برَايِه، ومصيرُ الكلِّ إليه، ومُوافقتُهم له، وإنْ لم يَكُن في ذلك نَصّ مِنَ القرآنِ يُتْلى، ولا حديث عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرْوى، سوى قولِ أَبي بكر عن رأيِه فيه، ونَظرَه واجتهادِه، فأَمْلى عَهْدَه الذي عَهِدَه مِن لَفْظِه على عثمانَ رضي الله عنه: هذا ما عَهِدَ عبدُ اللهِ بنُ عثمانَ آخِرَ عهدِه بالدُّنيا وقتاً يُسِلمُ فيه الكافِرُ، ويَبَرُّ فيه الفاجِرُ، فأُغْمِيَ عليه، ثم أَفاقَ، فقالَ له: مَنْ كَتَبْتَ؟ قال: عُمَرَ بنَ الخطَّابِ، فقال: أَصَبْتَ ما في نَفْسِي، ولو كَتَبْتَ نفسَك، لكُنْتَ لها مَوضِعاً، ولم يَعْتَرِضْ عليه أَحدٌ فيما رَآهُ (٢).

ولَمَّا اعْتَرَضَ عليه اثنانِ، سَمِعَا ما قال فيهما مِن عَدَمِ صَلاحيَّتهما للخِلافةِ، فقال لِطَلْحَةَ لَمَّا قال له: ماذا تقولُ لربِّكَ وقد وَليْتَ علينا فَظّاً غَليظاً؟ فأَغْلَظَ له في القولِ، ثم قال: أَقولُ له: وَلَّيْتُ عليهم خيرَ أهلِكَ (٣).

وكان مِمّا قال في ذلك: إني مُستخلِفٌ عليكم عمرَ بنَ الخطَّابِ، فإن


(١) لم نجد حديث السقيفة بهذه السياقة، وانظر القصة بتمامها فِى "مسند" أحمد (٣٩١)، والبخاري (٦٩٣٠) من حديث ابن عباس.
(٢) انظر "تاريخ المدينة المنوَّرة" لعمر بن شبة ٢/ ٦٦٥ - ٦٦٦، و"مناقب عمر" لابن الجوزي ٤٨.
(٣) انظر المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>