للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْدِلْ فذاك ظَنِّي فيه، وإِنْ لم يَفْعَلْ فأَنا منه بريء، والخيرَ أَرَدْتُ (١).

ومِمّا قال في ذلك: إِنَّ هذا الأَمْرَ لا يَصْلُحُ إِلاَّ للقَوِيِّ في غير عنْفٍ، اللطيفِ- وروي: الليَنِ- مِن عْير ضَعْف، ومَن صِفَتُه كذا وكذا، وأَطالَ في صفةِ الإمامِ، ثم قال: لا أَعْلَم إلا عُمرَ بنَ الخطابِ، فشاوِرُوا وانطروا في أَمرِكم (٢).

وهذ كُلُّه تصريحٌ بالرايِ بعد الارْتياءِ والنظَرِ والاجتهادِ، إذ لم يَكُنْ لهم في ذلك سمعٌ ولا نصٌّ.

ومِن ذلك: اختيارُ عُمرَ رضي الله عنه السِّتةَ مِن بينِ أَصحابِ رسولِ اللهِ، وجعلُ الإِمامةِ شورى في النَّفَرِ الذينَ نَصَّ عليهم واقْتَطَعُهم برأيِه (٣).

ومن ذلك: ما اشْتَهَرَ عنه فيما عَهِدَهُ إلى أبى موسى رضى الله عنهما: اعْرِفِ الأَشباهَ والأَمثالَ، ثم قِسِ الأُمورَ برايِكَ، ولا يَمْنَعُكَ قضاءٌ قَضَيْتَه بالأَمسِ، راجَعْتَ فيه عَقْلَك، وهُدِيتَ فيه لرُشدِكَ، أَن تَرْجِعَ إلى الحق، فإِنَّ الرجوعَ إلى الحقِّ خيرٌ مِنَ التَّمادي (٤). فكان يَعْمَلُ بالقياسِ والتمثيلِ، ويَأمُرُ حكامَه بالعملِ بذلك، ولو تُتُبِّعَ ذلك مِن أَقوالِه وأَحوالِه


(١) انظر المصدر السابق.
(٢) انظر المصدر السابق.
(٣) "تاريخ المدينة المنورة" ٣/ ٩٢٤ وانظر ما تقدم في ٣/ ٨٨.
(٤) تقدم تخريجه ٢/ ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>