للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَحكامِه في أَعيان المسائلِ، لَكَثُرَ.

ومِن ذلك: قولُ عثمانَ لعُمَر رضي الله عنهما في بعضِ القضايا: إن نَتَّبِعْ رَأيَك أسَدُّ، وإِلى نَتَّبِعْ رَايَ مَن قَبْلَك، فنِعمِ ذو الرايِ كان. وهذا إخبارٌ منه بجوازِ القولِ بالرايِ، ويُومِىءُ أَيضاَ إِلى القولِ إِلى تصويبِ الرَّأيَيْنِ المُخْتَلِفَيْنِ، ولو كان فيه دليلٌ قاطعٌ على أَحدِهما، لم يجز تصويبهما (١ولا على ١) باقي الأُمَّةِ إِقراره على تصويبِ قولينِ أَحدُهما خطأٌ مقطوعٌ به.

ومِن ذلك: ما رُويَ عن علي وعثمانَ رضي الله عنهما أَنَّهما قالا في الجَمْع بين الأختَيْنِ بملْكِ اليَمينِ: أَحَلَّتْهما آيةٌ وحرمتهما آية (٢)، ويَعْنِيان بذلك قولَه تعالى: {أَو ما مَلَكَتْ أَيمانُكم} [النساء:٣]، وقولَه: {واحِلًّ لكُمْ ما وراءَ ذلكُم} [النساء: ٢٤]، ولا بُدَّ أَن يكون لهما في ذلك قولٌ، ولو كان معهما دليلٌ آخَرُ يَقْطَعُ (٣) بوجوبِ الحكمِ بموجِب إِحدى الآيتيْنِ، لم يَجُزْ أَن يقولا: إِدى التحليلَ والتحريمَ في ذلك يَتَعارَضُ، وعندَهما في نَفْي التعارضِ دليلٌ قاطع، فلا يَصِيرُ معتقدُ التعارضِ في ذلك إِلاَّ إلى ما يُوجِبُ غالبَ الظَّنِّ والرَّايِ.

ومن ذلك: قضايا عليِّ بنِ أبي طالبٍ كرَّم الله وجهَه، وكان أَكثرَهم


(١ - ١) غير واضح في الأصل.
(٢) تقدم تخريجه ٣/ ٣١٨.
(٣) في الأصل: "فاقطع".

<<  <  ج: ص:  >  >>