للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعنِ ابن عباسٍ: إن الله تعالى قال لنَبيِّهِ: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩] ولم يَقلْ: بما رَأَيت (١)، ولو جُعِلَ لِأَحَدٍ أَن يَحكُمَ برايِه، لجُعِلَ ذلك لرسولِ الله.

وقال: إيَّاكم والمَقاييسَ، فإنما عُبِدَتِ الشمسُ والقمرُ بالمقاييسِ (٢).

وعن ابنِ عمرَ: السُّنَّةُ ما سنه رسولُ اللهِ، فلا تَجْعَلِ الرايَ سُنَّةً (٣).

فقَابَلُوا بهذا ما ذَكَرْناه عن الصَّحابةِ رضوانُ الله عليهم.

ومنها: قولُ الرَّافِضةِ منهم: وأَنَّى (٤) الثِّقةُ إلى أقوالِ مَن رَوَيْتم عنهم، وقد كَتَمُوا نصَّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - على علي رضي الله عنه، وتَأَلبُوا على أهلِ بييه، وغَصَبُوهمُ الخِلافةَ، ومَنَعُوا فاطمةَ بنت رسولِ اللهِ إِرْثَها المنصوصَ عليه في كتاب الله بروايةٍ انفردَ بها الواحد، إلى مثل ذلك من أفعالهم المانعة من أن يكون عملهم بالرأي شرعاً، بل ابْتِداعاً منهم، وأَشْنَعوا في ذلك بما ذكروه في الإِمامةِ من أُصول الدِّينِ، وليس هذا موضِعَه، لكن ما ذَكَرْناه كافٍ في البلوغ بما رامُوه مِنَ الطعْنِ الذي لايَقدَح ولا يُؤَترُ.

والذي يُشِيرُ إلى ذلك مِن طريقِ الشَّاهدِ لما ذَكَرْناه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -


(١) أخرج الطبري في "تفسيره" (١٢١٢٤) أثراً نحوه.
(٢) أخرجه الدارمى ١/ ٦٥ عن ابن سيرين.
(٣) أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" ٢/ ١٦٦ عن عمر.
(٤) فِى الأصل: "وأمَّا".

<<  <  ج: ص:  >  >>