للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: ١٠٣]، وقالَ تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا} [آل عمران: ١٠٥]، وهذه آياتٌ كُلُّها تَمْنَعُ من الفُرْقَةِ، وتَزْخرُ عنها، وتَذُمُّ أَهْلَها، وتَحُثُّ على الاجتماع، وتَأمرُ به، وتَمدَحُ عليه، وعندَكم أَنَّ الكُلَّ سَواءٌ.

وللمُخالِفِ أَن يقولَ: لا مُتعلَّقَ لكم ولا حُجَّةَ في ذلك؛ لأَنّكم- وإِنْ قُلْتُم: إِنَّ الحقَّ في واحدٍ، وإِنَّ كُلَّ مخالفٍ لذلك مُخطئٌ - لستُم ناهِينَ عن المخالفةِ، ولا آمِرينَ بالموافقةِ، لأَنَّ كُلَّ واحدٍ من المُجتهدِينَ غيرُ مأمُورٍ باتِّباع الآخرِ تقليداً له، ولا بموافقته في مَقالتِه، بل فَرْضُه الاجتهادُ وإِن خالَفَ وفارَقَ، ولو تَرَكَ اجتهادَه المُؤَدِّيَ إلى المخالفةِ، ووافقَ، لَلَحِقَه الوعيدُ، وكان داخلاً تحتَ النَّهىِ، غيرَ مُوافِقٍ للشَّرع، وإِذا كنا مُجمِعينَ على أَنَّ الله قد أَبْرأَ كافًةَ المُجتهدِينَ بما يُؤَدِّيهم (١) إِليه اجتهادُهم، ونَهاهُم عن الموافقةِ (٢ لبعض المجتهدين ٢) فيما ذَهَبُوا إِليه بالاجتهادِ، فصار الإِجماعُ (٢. . . . . . . . .٢) دونَ طَلَبِ الموافقةِ، وتَرْكِ المخالفةِ، وفي أُصول الشَّرع شواهدُ لذلك ممَّا أَوجبَ (٣ فيه الأخذ بما أدى إليه الاجتهاد ٣) دونَ مجرى الوِفاقِ، فمن ذلك: اختلافُهم في القِبْلةِ؛ مَعَ اختلافِهم في الاجتهادِ، قد أَجْمَعْنا على تحريمِ المُوافقةِ، وإِيجابِ استقبالِ كلِّ واحدٍ إِلى ما أَدّاهُ اجتهادُه إِليه من الجِهاتِ، وإِنْ وَقع الخلافُ.


(١) في الأصل: "يؤديه".
(٢ - ٢) خرم في الأصل.
(٣ - ٣) خرم في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>