للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمطلوبِ، وهو الأَوْلى.

فإِن قيل: إِنَّ المُناظرةَ قد تُفِيدُ عثوراً، على نصِّ في المسأَلةِ، يُظفَرُ به عندَ مذاكرةٍ ومناظرةٍ، وذاك مما لا يَسُوغُ الاجتهادُ مع وجودِهِ، فنستفيدُ الاِسْتِبْراءَ، كطالبِ الماءِ والسترةِ والقِبْلَةِ.

قيل: إِنا لم نُلْزِمْكمُ الاستعلامَ عن النُّصوصِ ممَّن جَهلَها، وإِنما الكلامُ في النَّظرِ والارتياءِ مع تَحقُّقِ عَدَمِ النصِّ، بالتراجيح، والتًّعلُّقِ بالأَماراتِ.

ومنها: أَنَّ مَقالةَ الخَصْمِ تُؤَدِّي إِلى مُحالٍ، وما أَدَّى إِلى المُحالِ، فمحالٌ، وذلك أَنَّ النَّاسَ قد اختلفوا في العَيْن الواحدةِ، فحَرَّمَها قوم، وأباحَها قومٌ، كالنبيذِ، وفي العَقدِ (١ الواحدِ، فصححه ا) قومٌ، وافسَدَهُ قوم؛ كالمُتْعَةِ، والعِبادةِ أَوْجَبَها قومٌ، ولم يُوجِبْها قومٌ، كالوِتْرِ، والتحلِيلُ والتحريمُ، والصِّحَّةُ والفَسادُ، والإِيجاب والإِسْقاطُ، نقائِضُ لا تَجْتَمِعُ في جهةٍ واحدةٍ، وعَيْنٍ واحدةٍ، بل يَستحيلُ اجتماعُها؛ فإِنَّ الحُكميْنِ المُتضادَّيْنِ للعَيْنِ الواحدةِ، كالعَرَضَيْنِ المتضادَّيْنِ للجَوْهَرِ الواحدِ، فكما يَستحيلُ أَن يكونَ الجَوْهَرُ ساكناً مُتحرِّكاً في حالةٍ، أَسْودَ أَبْيضَ (٢) كذلك، يَستحِيلُ أَن تكونَ العَيْنُ الواحدةُ حلالاً حراماً، والعبادةُ واجبةً ساقطةً، والعَقْدُ صحيحاً فاسداً، ومَنْ قال: إنَّ المَذهبَيْنِ صوابانِ عندَ اللهِ، فقد أَثْبَتَ المُستحِيلَ، وكَفَى بذلك خَطَأً.


(١ - ١) خرم في الأصل.
(٢) في الأصل: "أسوداً أبيضاً".

<<  <  ج: ص:  >  >>