للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا هو الذي تتضمَّنُه تعاليقُ الفقهاءِ في غالب الأحوالِ، وبانَ بهذه الرِّوايةِ أنه ذكرَ تلك الجملةَ احتياطاً ومبالغةً، واللهُ أعلمُ.

فصل

ولا يَحِلُّ لأحد أن يُفتيَ مع عَدَمِ ما ذكَرْنا أو اختلالِه، والدَّلالةُ على ذلك: قولُه تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦]، وقولُه {فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} [آل عمران: ٦٦]، وقوله: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} [التوبة: ١٢٢] فاعتبرَ التَّفقُّهَ في الدين في الإِنذار، وقولُه سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣].

وأيضاً فإن القاصرَ عن صفات الفُتْيا لا يُومَنُ أن يجيبَ بجهلٍ فيُضِلَّ، وقد ورَدَتِ السنَةُ بمثل ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن اللهَ لا يرفعُ العلمَ انتزاعاً يَنْتَزعُه من صدور الرِّجالِ، لكنْ يرفعهُ بموت العلماءِ، فإذا لم يَبْقَ عالمٌ اتَّخَذَ النَاسُ رؤوساً جُهَّالًا، فسُئِلُوا، فأَفتَوْا بغير علمٍ، فضَلُّوا وأَضَلُّوا" (١).

وأيضاً ما رُوِيَ أن أميرَ المؤمنين علىَّ بن أبي طالبٍ، سمعَ أن رجلاً تكلَّمَ في الحلال والحرامِ وليس بفقيهٍ، فخرجَ، فخطبَ،


(١) أخرجه أحمد ٢/ ١٦٢ و.١٩ و٢٠٣، والدارمي ١/ ٧٧، والبخاري في "صحيحه" (١٠٠) و (٧٣٠٧) وفي " خلق أفعال العباد" (٣٦٩)، ومسلم (٢٦٧٣)، وابن ماجه (٥٢)، والترمذي (٢٦٥٢)، والنسائي في "الكبرى" (٥٩٠٧) و (٥٩٠٨) عن عبد الله بن عمرو بن العاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>