للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديثَ الضَّعيفَ، ولا الإِسناد القَويَّ، فلمن يسألُ: لأصحاب الرَّأيِ، أو لهؤلاء مع ما هم. عليه من قِلَّة معرفتِهم؟ قال: يسألُ أصحابَ الحديثِ، ولا يسأل أصحابَ الرأيِ، ضعيفُ الحديثِ خيرٌ من رأي أهلَ الرَّأيِ (١).

وهذا عندي محمولٌ على أحد أمرَيْن؛ ليجتمعَ كلامُه ولا يتناقضَ: إمَّا على أنه عَلِمَ من أهل الحديثِ الذين ذَكَرَهم فقهاً؛ إذ لا يجوزُ لمثله (٢) أن يجيزَ تقليدَ مَن لا اجتهاد له ولا فقهَ، سوى حِفْظِ أحاديثَ يَرْويها لا يعلمُ أسانيدَها، فضلَاً عن فقه ألفاظِها ومعانِيها.

أو يكون السُّؤالُ الذي أجازَه. برجعُ إلى الرِّواية، ويكون أهلُ الرأي الذين طَعَنَ فيهم أهلَ رأيٍ في رَدِّ الأحاديثِ، لا الرَّاي في فقه الأحاديثِ، واستنباط المعاني، والعلمِ بالقياس، وكيف يكونُ ذلك وهو من كبار أهلِ الراي؛ بقوله بالقياس، وعلمِه بأنه إجماعُ السلَف؟ وإنما الذَّمُ عادَ إلى ما تَردُ به الأحاديثُ كرأي المبتدِعين، والله أعلمُ.

فصل

ويجب أن ينظرَ المفتي إلى الحكم الذي يُفْتِي العاميَّ به: فإن كان مما يَسُوغُ خلافُه، أعْلَمَه الحكمَ في مذهبه، واستُحِبَّ


(١) وردت هذه الرواية في "العدة" ٥/ ١٥٩٥ - ١٥٩٦، و"المسودة" ص ٥١٥، و"إعلام الموقعين" ٤/ ٢٠٥، و"مسائل أحمد" لابنه عبد الله: ٤٣٨.
(٢) في الأصل: "بمثله".

<<  <  ج: ص:  >  >>