للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حادثٌ، وأصلًا له؛ حيث كان حدوثُ الشيءِ محسوساً لوجداننا له بعد أن لم يَكنْ، ويحتاج في العلم بأن له محدِثاً إلى نوعِ تَأَملٍ ينتهي به إلى العلمِ بمحدِثه، فنعلمه محدَثاً بعد ما علمناه حادِثاً، فهذا ترتيبٌ لايمكن وقوع العلمِ إلاعليه.

ولا يمكن أيضاً أن يكونَ العلمُ بأنه حادثٌ قبل العلمِ بأنه موجودٌ، ولو جازَ هذا، لجاز أن يكونَ علمُ الاستدلالِ قبل علومِ الحِسَ، وأصلًا لها.

وكذلك في الظُّنون في مسائل الفروعِ؛ فإنه لا يجوزُ أن يسبقَ إلى ظَنِّنا تحريمُ التفاضلِ في الأَرُزِّ، ولا تحريم النَّبيذِ قبل أن نعلمَ تحريمَ الخمرِ، وقبل أن يَغلِبَ على ظنِّنا تحريم التفاضلِ في البُرِّ والشَّعيرِ، إذ كان تحريم النَّبيذِ مبنياً على تحريم الخمرِ، وتحريمُ التفاضلِ في الأرُزَ مبنياً على تحريم التفاضلِ في البُرِّ.

فصل

وإذا كان أصلُك في استدلالِك هو فرعاً (١) من علوم الاستدلالِ فلا تبعِدْ سؤالَ سائلك أن يكونَ إنكاراً؛ لأن المختلَفَ فيه لا يَبعد إنكارُه، كما لم يَبعُدْ ذلك في الفرع لكونه مختلَفاً فيه، فأبداً لا تَسْتَبْعِد (٢) السؤالَ عن الأصل إذا كان فرعاً من علوم الاستدلالِ، بخلاف ما أصله الضروريّاتُ؛ فإنه لا يَسوغ السؤالُ لموضع الاتفاقِ على الضَّروريّاتِ، وبخلاف ما إذا كان الأصلُ في الاستدلال في المسائل الفقهيَّةِ مجمَعاً


(١) في الأصل: "فرع".
(٢) في"الأصل": "لا تستبدع"، والأولى ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>