للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، أو منصوصاً عليه، فإنه يصيرُ في قُبْحِ السؤال عنه بمنزلة قُبْح السؤالِ عن الضَّروريات في مسائل الأصولِ.

ولا يجوزُ لك أن تدلَّ على المختلَف فيه بالمختلَف فيه؛ لأن الذي أحوجَ أحدَهما إلى الدليل -أعني مسألةَ الفرع- هو الاختلافُ، وإلا فقد كان الاتفاق مغنياً عن الدَّلالةِ، وهذا بعينه قائمٌ في الآخَرِ المستدَلِّ به، فكيف يُستدَلُّ به؟ ولو استغنى بعضُ المختلَفِ فيه عن الدَّلالةِ لاستعنى جميعُه عن الدَّلالةِ، كما أنه لو احتاجَ بعض المتَّفَقِ عليه إلى دَلَالةٍ لاحتاجَ جميعُه إلى دَلالَةٍ.

فصل

ومن المختلَف فيه ما يكونُ حقَاً، ولا يخرجُه الخلافُ فيه عن جواز البناءِ عليه، والِإسنادِ إليه، ولا يمنعُه كونُه لم يقعْ بحِسٍّ أن يُبْنى عليه، وذلك أن خروجَه عن الحِسَ لم يُبطِلْه، وإذا لم يُبطلْه، كان صحيحاً مع وجودِ الخلافِ فيه، فكم من صحيحٍ اختُلِفَ فيه، لاختلاف الناسِ في إدراكِ الصِّحَّةِ والفسادِ، وإذا كان صحيحاً، فالصَّحيحُ لا يُؤدِّي إلا إلى، الصِّحَّةِ ولا يثمرُ إلا الصَّحيحَ.

فإذا كان له وجهُ دلالَةٍ كانت صحيحةً، وذلك مثلُ رجوعِنا في الأصول إلى المحسوساتِ، وإن خالفَ فيها السُّوفسطائيَّة (١)، ولم يمنعْنا خلافُهم إيّانا من تعلقِنا بها، وبنائِنا عليها، وإسنادِنا إليها، ومثلُ خلافِ من خالفنا فرب امَّهاتِ الأولادِ في نفي جوازِ بَيْعِهنَّ (٢)، لا يمنعُنا ذلك


(١) انظر ما تقدم في الصفحة (٢٠٢).
(٢) أم الولد: هي التي ولدت من سَيِّدها في ملكه ما فيه صورة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>