قال: فهذا ما أنكَرْتُم بعينه من ارتفاع المستحَقِّ بالشيئين بارتفاع أحدِهما.
قلنا: ليس يستحِق أحد على الِإمام أن يُوليَه القضاءَ، وإنما يجبُ عليه أن يُوليَ من يجمعُ العلمَ والورعَ إذا احتاج إليه وعَرفَ مقدارَه وموضعَه، وليس هذا من جنس العللِ الموجباتِ في شيءٍ؛ لأنه قد يكونُ لنا عالمٌ وَرِعٌ ولا يجبُ على الإِمام أن يُولِّيَه إذا سد مسده غيرُه.
فإن قال: فالحاجةُ إليه إحدى العللِ.
قلنا له: فقد يُمكِنُ في القدرة أن تكونَ الحاجةُ إليه قائمةً والإيجاب مرتفعاً، ولو كان هذا من باب الِإيجاب الذي نحن فيه للَزِمَ، وليس هذا من بابنا.
يُوضَحُ الفرقَ بينهما: أنه لا يجتمعُ عند صاحب العلَّتين التأليفِ والحركةِ في جسمٍ إلا كان متحرِّكاً، وقد يجتمعُ العلمُ والورعُ والحاجةُ لِإيجاب التَوليةِ غيرُ واقعة (١)، وإنما نحن في بابِ ما لكونه يكونُ الشيءُ لا مَحالةَ، ويستحيلُ مفارقتُه له، ولسنا في بابِ ما عند كونه يختارُ المختار والفعلَ لصوابِه في التَأَنِّي والعلمِ إن شاء، وإن شاء أبى أن يختارَ، وإنما قال للناس: فلانٌ مستحِق للقضاء، على معنى أن فيه ما يَحتاج إليه القاضي، وإنما يكونُ في حدِّ من يصلحُ له بالعلم دون غيره، فاذا كان الورعُ مفرَداً من العلم، فليس صاحبُه المتكلَّمَ عليه.
فإن سألَ عن الشاهديْنِ، فأمرُ الشاهدَيْنِ تعبد، ولو خَليْنا والعقلَ