الحكمُ بزوالِها وانتفائِها؛ فلذلك لم يُشرَطِ العكسُ فيها، بخلاف العقليَّةِ (١) فإن التحرُّكَ الذي هو حكمُ الحركةِ ومعلولُها لا يثبت بالحركةِ وبمعنىً آخرَ قَطُّ، فالحركةُ لا يُشارِكها في إيحاب التحركِ شيء من الأعراضِ، فلا جَرَمَ إذا انتفَتْ عن المحل، انْتَفى حكمُها -وهو تحرك المحل- لا مَحالَةَ.
فصل
ومن الفروق بينهما: أن عِلةَ الحكمِ العقليِّ يجبُ أن تكون أبداً مقارِنةً له غير متقدمَةٍ عليه ولا متأخِّرةٍ عنه، وليس كذلك سبيلُ العلة الشرعيَّةِ؛ لأنها قد تُوجَدُ قبل حصولِ الحكمِ كشِدةِ الخمر، وتَأتَي الطُّعْمِ وتَهَيُّؤِ الكَيْلِ والاقْتِياتِ في البُرِّ قبل ثبوتِ الحكمِ، وهو تحريمُ التَّفاضلِ، فلا يَجبُ أن تَجْريا في هذا البابِ مَجْرىً واحداً.
فصل
ومن الفروقِ بينهما: أن العلَّةَ الشرعيَّةَ يجوزُ أن تُوجِبَ حُكمَيْن مختلِفَيْنِ، مثلُ إيجاب شِدَّةِ العصيرِ تحريمَ شُرْبِه، وإباحةَ ضرب شاربه، وحرمةُ الرَّضاع وَالقرابةِ يُوجِبان تحريمَ النِّكاحِ، وإباحةَ الخَلْوَةَ والمُسَافَرَةِ، والحَيْض علَّةُ لتحريمِ وَطْءِ الزَوجِ في الفَرْجِ، وإباحةِ الأكلِ في نهارِ رمضانَ، والموجِبُ للغُسْلِ، وإسقاطِ إيجابِ الصلاةِ رأساً.
فأمَّا العلَّةُ العقلئةُ: فإن الحركةَ لا توجبُ تحرُّكَ الجسمِ وتَلَوُّنَه