للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الابتداءِ، صحَّ في الانتهاءِ، لا فَرْقَ في ذلك.

ولَمَا شهدَ إتقانُ الأمورِ وإحكامُ الصَّنْعَةِ بحكيمٍ في النَشأةِ الأولى مختارٍ للتًقديمِ والتَّأخيرِ، شهدَ في النَّشأةِ الثانيةِ بذلك.

ومن هذا الباب أيضاً: إن كان نَسْخُ الشريعةِ من حيث كان رَفْعَ ما شُرِعَ في الأوَّلَ وإزالةَ ما وُضِعَ معنى (١) يشهدُ بالبَداءِ، فهو يشهدُ بأن نسخَ النُورِ بالظُّلمةِ بَداءٌ، وإن كان نسخُ النُورِ بالظلمةِ يشهدُ بالبَداءِ، فهو يشهدُ أن نسخَ الشريعةِ بشريعةٍ غيرِها بَداءٌ، فشهادةُ كلُّ واحدٍ منهما في الآخرِ كشهادةِ الآخرِ فيه.

ومن هذا الباب أيضاً: إدامةُ الثَواب إن كان واجباً في الحِكْمةِ، فهو يشهد بأن إداَمةَ العِوَضِ واجبٌ فَي الحكمةِ (٢)، وكذلك إدامةُ العِوَضِ إن كان واجباً في الحكمةِ، فهو يشهدُ بأن إدامةَ الثَّواب واجبٌ في الحكمةِ.

ومن هذا البابِ: إن كان العقلُ يشهدُ بوجوب المصالحِ على اللهِ سبحانه في الدنيا من حيثُ كانت نفعاً لا يُستضَرُّ به، والعبدُ محتاجٌ إليه، فواجبٌ عليه العَفْوُ عن العذابِ في الأخرى من حيثُ كان نفعاً لا يُستضر به، وإن كان العقلُ يشهدُ بوجوب العفوِ في الأخرى من حيثُ كان نفعاً لا يُستضرُّ به، فهو يشهدُ بإيجابَ المصالحِ في الدنيا،


(١) كُتبت في الأصل هكذا "ومنن"، ولم نَتبين وجهها، ووضع فوقها ضبة صغيرة، وتعني أنها هكذا هي في الأصل المنسوخ عنه، إلا أنه قد خفي على الناسخ معناها، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٢) في الأصل: "الحكم".

<<  <  ج: ص:  >  >>