مسألةٌ تامةٌ، على معنى أنه قد لَحِقَ بالسؤالِ واستحقَّ اسمَه، ولولا ذلك لم يَجِبْ على المسؤولِ أن يُجيبَ عن سؤالٍ قائمٍ مفهومٍ عن شيءٍ، ولا استحَق اسمَ مسألةٍ.
فأمَّا ما ليس بسؤالٍ البَتَةَ، أو ليس بسؤال تامٍّ، فليس يجبُ الجوابُ عنه، لأن ما لم يتحقَقِ الكلامُ سؤالًا فلا يقتضي جواباً، والمسألةُ الناقصةُ لا يُفهَمُ معناها، وإنما يجبُ الجوابُ بعدَ الإِفهام، مع أنه ليس لسائلٍ أن يَسكُتَ ويقتضي الجوابَ إلا بعدَ الإِفهام وتمامَ المسألةِ، فمتى سكتَ عن كلامٍ غيرِ تامٍّ، فما تَحقَقَ له سؤال، ولاَ وجبَ لكلامِه جوابٌ.
وإذا كان هذا هكذا، فأوَّلُ الفصولِ فيه الاستخبارُ، وأوَّلُ جملةٍ تَرِدُ منه ما يقومُ من القولِ سؤالًا تامًّا، والزيادةُ أيضاً كذلك إلا أنها فرعٌ للابتداءِ، تنبني على وجوبِه وتقربُ إليه، وانما جعلَ المتكلِّمون هذا كلَّه مسألةً واحدةً، كما تُجعلُ الحركاتُ الكثيرةُ (١) في المسافةِ الواحدةِ سَيْراً واحداً، وإنما جعلوه سَيْراً واحداً لتأديةِ جميعِه إلى غايةٍ واحدةٍ، وهي التي أجْرى إليها بالابتداءِ وما بعدَه، وذلك أن أوَّلَ السؤالِ وعْدُ نتيجةٍ، فاظهرَها آخِرُه، وقَرَّبَ منها ما بينهما من الكلام، وشَدَّ بعضُ ذلك بعضاً، ولهذا التعاونِ وهذِه المناسبةِ التي بين الجمَيع في إظهارِ النَّتيجةِ والتَّقريب منها، وتأخيرِ النتيجةِ إلى آخرِ الجميعِ، ما جعلَ الكُلَّ سؤالًا واحداً؛ ألا ترى أن الفقهاءَ جعلوا الأكلَ الكثيرَ المتَّصِلَ لتأديتِه إلى غايةٍ هي الشِّبَعُ أكلًا واحداً، حتى إنَّهم قالوا: لو حَلَفَ: