للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكونَ قديماً من وجهٍ.

فانْعَقَد البابُ على أن كلُّ دَلالةٍ (١) دَلَّتْ على صحَّةِ حكم أو مذهبِ أو حالٍ أو حقيقةٍ لم يُمكِنْ أن يكونَ ضدُها من وجهٍ من الوجوهِ مُجامِعَاً لها، فإن الدليلَ الدال على صحَّتِها هو المفسدُ لضدِّها، ومتى كان من قَبيلِ الأولِ لم يدل إلا على صحةِ ما دلَّ عليه دونَ أن يدلَّ على فسادِ ضدِّه أو بطلانِ ضده، وكلُّ ذلك يقتضيه العقلُ في ذلك، ونفيُ الضدِّ لضدِّه، فقد أفتى العقلُ وسبَقَتْ فتواه بذلك.

واعلم أن المُعتقِدَ لشيءٍ ليس له ضد يَفسُدُ أو يَصلُحُ مُعتقِدٌ، وليس تقفُ صحةُ فعتقَدِ الشيءِ على العلمِ بأن له ضدَّاً، ولو كان للمعتقدِ ضدٌّ لفسدتِ الحقائقُ.

وهذا موضعٌ لم يتقدمْ تحصيله فلا تَستوحِشْ من وَحدَتِكَ فيه، ولا تَعتبرْ بكثرةِ ما يورَدُ عليك فيه، فإن لكلِّ شيءٍ أولًا، ولكلِّ أوَّل وقْفَةٌ من المستوحَشِ منه، فلا يرُعْك ذلك.

واعلم أن الضدَّينِ المذكورين في هذا الباب هما الاعتقادان، فأمَّا المعتقَدُ الواحدُ (٢) لا ضدَّ له فيَفسد أو يَصلُح.

والدَليل على ذلك: أنك لا تَجدُ قديماً هو ضدٌ للمحدَثِ الصحيحِ، ولا اثنينِ قَدِيمَينِ هما ضدٌّ لَلواحدِ القديمِ، ولا مُتحرِّكاً إلا بحركةٍ هو ضد للمتحرِّك بحركةٍ.


(١) في الأصل: "ذلك".
(٢) كتبت في الأصل: "للواحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>