للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزلْ عما هو عليه دون أن تنتقلَ به الأحوالُ من طفولةٍ إلى شَبيبةٍ إلى كُهولَةٍ، فهذا المدَّعي قد جحدَ الضرورةَ.

وأما مثالُ نقضِ الجملةِ بالتفصيل: أن يقولَ قائلٌ: كلُّ شَتْوَةٍ شديدةُ البرْدِ فبعدها صَيْفَةٌ (١) شديدةُ الحَر، وكلُّ صَيْفَةٍ (١) شديدةِ الحَرِّ فبعدها شَتْوةٌ شديدة البردِ، ثم قال: وقد كانت شَتْوةٌ شديدةُ البردِ، وهذه الصَّيفَةُ قليلةُ الحَر، لكان قد نَقَضَ الجملةَ بالتفصيلِ.

وأما مثالُ إجراءِ العلَّةِ في المعلولِ: لو أن قائلًا قال: إن هذا الفرسَ فارِهٌ (٢)، لأنه جرى عَشَرةَ فراسِخَ (٣)، فقيل له: فقل: إن هذا البعيرَ فارهٌ؛ لأنه جرى عَشَرَةَ فراسخَ، فامتنعَ من ذلك، كان مناقِضاً.

وقال بعضُ الأئمةِ في هذا الشَأنِ: لو قال: لأنه فرسٌ جرى عَشَرَةَ فراسخِ، ثم ألزِمَ على ذلك البعيرَ، فامتنعَ من التزامِ البعيرِ، لم يَكُنْ مناقِضاً.

قال عليُّ بنُ عيسى بن عليٍّ النَحْوِيُّ (٤) في كتابه الصغير: فأنا


(١) في الأصل: "صيفية".
(٢) قال في "لسان العرب" (فره): قال ابن سيده؛ ولا يقال للفرس فاره، إنما يقال في البغل والحمار والكلب وغير ذلك، وفي "التهذيب": يقال: برْذَوْنٌ فاره وحمار فاره، إذا كانا سَيُورينِ، ولا يقال للفرس إلا جَواد، ويقال له: رائع.
(٣) جمع فَرْسَخ، وهو ثلاثة أميال أو ستة."اللسان" (فرسخ).
(٤) تقدمت ترجمته في الصفحة (١٢٠)، وللرماني عدة كتب تنعت بالصغير: منها: "شرح المسائل للأخفش"، و"الاشتقاق"، و"الأصلح"، فلعله أحدها. انظر "الفهرست" ص ٦٩، و"إنباه الرواة"٢/ ٢٩٥ و٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>