للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس كلُّ سكوتٍ في الجدل انقطاعاً، وإنما الانقطاعُ: السكوتُ للعَجْزِ عن الاستتمام (١)، ولا بُدَّ للمسألة من نهاية يجب السكوتُ عندها، وليس علامةُ ذلك اتفاقَ الخصمين على السكوت، مع أن هذا الاتفاقَ (٢) يقعُ، ولو وقعَ لم يكن به مُعتبَرٌ، وإنما النهايةُ للمسألة أن يقفَ كلامُ الخصمِ من غير زيادة حجَّةٍ أو شُبهةٍ.

ولا مُعتَبَرَ في ذلك بتكريرِ المعنى على اختلاف العبارةِ؛ لأنه إذا مضى الجوابُ عن الزيادة، فكَررَ السؤالَ بخلاف تلك العبارةِ، قيلِ للسائل: قد مضى الجوابُ عن هذا، وهو كَيْتَ وكَيْتَ، فإن كانت زيادةً سمعتَ الجوابَ عنها، وإن لم يَكُنْ إلا التَكرارَ فقد مضى الجوابُ، وكذلك يقالُ للمجيب: أين الجوب عمَّا سُئِلْتَ؟ فإنك لا تزالُ تُكَرِّرُ كلاماً خارجاً عن حَدِّ الجواب عما سئلتَ، فإن كان عندك جوابٌ، وإلا فأفصِحْ بالانقطاع (٣)، فإني لاَ أتقبَّلُ منك ما ليس بجواب عن المسألة، ولا يَستحِقُّ بَذْلَ زيادةٍ.

وعلامةُ الخروجِ عن حدِّ الكلام بَيِّنةٌ في أكثر الأحوالِ، فإن أشكلَتْ في بعضه، كان على الخصم أَن يُوقِف خصمَه عليه، فيقولَ له: خرجتَ من جهة كذا وكذا.

مثالُ ذلك قولُ السائلِ: هل للفعل وجة لم يُخلَقْ منه؟ فيقولُ


(١) المصدر السابق.
(٢) في الأصل: "الإنكار"، والذي أثبتناه هو ما يقتضيه السياق ويتفق ومعنى النص.
(٣) في الأصل: "بالإنظار"، والأنسب بالمقام ما كتبناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>