للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجيبُ: إن أردْتَ وجهَ الاختراع، فهو مخلوقٌ فيه، وإن أردتَ وجهَ الكَسْب، فلا يصحُّ ذلك فيه، فللسَائل أن يُضايقَ المجيبَ حتى يأتيَ بجوابهَ على التحقيق، فيقول له: لم أسألْك عن تفصيل الِإرادةِ، وإنما سألتُك عما يقتضي الجوابَ بنَعم أو لا؛ لأني إذا قلتُ: هل كان كذا أو كذا؟ فإنَّما يقتضي الجوابُ بنَعمْ أو لا، فكلًّ ما يأتي به المسؤولُ [زيادة] (١) عن نَعَم أو لا في جوابِ "هل" فهو خارجٌ عن حد ما سُئلَ عنه.

فإن قال المجيبُ: ليس الأمرُ كذا. قال السائلُ: الزيادةُ على ليس الأمرُ كذا: بلى الأمرُ كذا، فدَعِ التَشاغُلَ بما لا فائدةَ فيه، وأفصِحْ بالجواب عما سُئِلتَ عنه ليَقَعَ الكلامُ عليه، ويَظهَرَ الحِجاجُ فيه.

فإن قال: ليس يَلزمُني أن أجيبَ السائلَ بما يتخيرُه عليَّ، وإنما يلزمُني أن أجيبَه بما يَصحُّ عندي. قال له: ولا لك أن تُجيبَه عما لم يَسألْك عنه، والسائلُ في الحقيقةِ مُتخيِّرٌ لِما يسألُ عنه، والمجيبُ تابعٌ له؛ لأنه عن مسألتِه يُجيبُ، لا عما يَصحُّ عنده ما لم يسألْه عنه؛ لأن ذلك خُروجٌ عن حدِّ الكلامِ الذي يلزمُ في الجوابِ.

فإن قال المسؤولُ: ليس عندي جوابٌ أكثرُ مما سمعْتَ. قالَ له السائلُ: قل ليس عندي جوابٌ؛ لئلَّا تُوهِمَ أنك قد أجبتَ عن المسألة إلا اُنه ليس يُزاد على جوابك، وعلى أني أقولُ لك: ولا طالبتُك إلا بالسؤالِ الذي سمعْتَ، فهَلُم الجوابَ عنه.

ويقالُ له: كيف تعملُ أنت بمن سألتَه عن مسألة فخرجَ عن


(١) زيادة على الأصل يستقيم به المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>