للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا القائلُ لا يرى أن جعْلَ المعلولِ علةً سؤالًا صحيحاً؛ لأن المعلولَ هو الحكم، فلا يجوز أن نجعله علةً من حيثُ إيرادُه سؤالًا، وهو لا يراهُ علةً من حيثُ الاستدلالُ به.

قال: لأنَ الحكمَ معلولُ علةٍ لا ثباتَ له إلا بها، فلا يكونُ له استقلال إلا بالعله، فكيف يكون علةً لحكمٍ هو مثله؟!

وما ذلك إلا بمثابةِ من قال: إن التحركَ الذي هو معلولُ الحركةِ علةٌ لتحركِ الجسم.

ومما يدلُ على أنَّ الحكمَ لا يكونُ علةً وانما يكونُ دلالةً على الحكم: أنا إذا قلنا: ما كانَ رباً في دار الإسلام كانَ رباً في دار الحرب. لا يقتضي أنه إنما كان رباً في دار الحرب؛ لأنه في دار الإسلام، ولكنَّه إنما كان رباً في الدارين جميعاً لأجلِ التفاضل فيما حَرُم فيه التفاضل، وذلك هو العلَّة. فإذا جعله المخالفُ رباً في دار الإسلام، علمنا أنه كان للعلةِ التي هي التفاضل في الجنسِ، وذلك مَوجود فَي دارِ الحربِ، فكان رباً فيها بوجودِ علته.

قال بعض أئمةِ الأصول: وهذا استصحاب حالٍ بصورةِ قياس، ومعناه: أنه قد ثبت كونه رباً في دارنا، فمن ادعى أنَّه ليسَ برباً في دارِ الحربِ فَعليهِ الدليلُ.

فيقالُ: إن أردتَ أن ذلكَ ليس بعلةٍ موجبةٍ، فهذا حكمُ جميعِ عللِ الشرع، وإنما الموجبة العللُ العقليةُ.

وإن أردتَ أنها ليست أمارة، فليس بصحيح؛ لأنك أقررتَ بانها دلالةٌ، والدلالةُ أمارة، ويدل على ذلك أنه قد توجدُ في ذلك إحدى

<<  <  ج: ص:  >  >>