تسليمهِ، وفي ذلك زوال العللِ الثلاثِ التي كانت مانعة من بيعِه.
وإن زالت علتان وبقيت علةٌ من الثلاثِ، مثل أن يحصلَ ولا يمكنه الخروجُ منها لكنه التبسَ بالشبكةِ أو ركب بعضه بعضاً فصار كالصُبْرَةِ فلم يشاهَد لم يصح، لتخلفِ علَّةُ واحدة من الثلاثِ، وهي عدم رؤيةِ التَّحْتاني، مع كونِه مختلفاً لا يُقنع نظر الأعلى منه عن نظرِ الأسفلِ، بخلافِ الأطعمةِ المتساويةِ الأجزاءِ.
وكذلك إن أزلتَ علَّةُ علةً وبقيت الأخرى نهضت الباقية بالمنعِ كما منع الثلاث، ومن هاهنا امتنعَ اعتبارُ العكسِ عندنا وعند المحققين من أهلِ الجدل؛ لأنَ بقاءَ علة من العللِ يَمنعُ، فلا يمكن أن تنعكسَ العلةُ مع بقاءِ خلفها، بخلافِ العللِ العقليةِ؛ فإنَ معلولَها لما لم يثبتْ إلا بها وحدَها لا جَرَمَ وجب العكس، فإذا قلتَ: كلُّ جسمٍ قامت به الحركةُ، فَهومتحرك، وكل جسمٍ لم تَقمْ به حركة، فليس بمتحركٍ. صَحَّ ولزم ذلك، إذ ليس للمعلولِ -وهو التحرك- علَّةً سوى الحركةِ، فلا يخلفها ما يَعمل عملَها.
وإذا قلتَ في الشرعية: كلُّ امرأةٍ قامَ بها الإِحرام إذا اتصفت بالإِحرام كانت مُحَرمة. لا يمكنُ أن تقولَ: وكل امرأةٍ لم تتصفْ بالإِحرام فَهي مباحةٌ. لصحةِ تخلُّفِ علةٍ تعملُ عملَ الإحرام، وهي الصومُ، أو العدةُ، أو الحيضُ، فافهم ذلك، فهذا على قولِ من لم يَعتبر العكسَ في العللِ الشرعيةِ.
وأمَّا على قولِ من اعتبرَ العكسَ، فإنَه لا يجيزُ، قال: لأنه لا يمكنُ الدلالةُ على حجتها بالنطقِ ولا بالبينةِ ولا بالإِجماعِ ولا بالسلبِ