للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على تحريمِ أكلهن، وكالأمرِ بقتل البَهيمة الموطوءة (١)، ووجوبُ الغُسلِ يَتعلقُ بالجنابةِ والحيضِ والنفاسِ، وقد يجبُ على الشخصِ الواحِد القتلُ بأسبابِ تجتمع فيه، كرجلٍ قَتَلَ وارتَد، فإن عُفيَ عن القصاصِ قُتل بالردَة، وإن تابَ عن الرِّدة ولم يُعف عن القصاص قُتل قَوَداً.

فأمَّا الأصلُ الواحدُ إذا عُرف حكمهُ بنص أو إجماعٍ وله وصفان، هل يجوزُ أن يكونَ كلُّ واحدٍ من الوصفين علةً بانفرادهِ ثبت الحكمُ فيه لأجلهِ؟ فإن تنافتْ فروعُها امتنعَ أن يكونا صحيحين، وإن لم تتناف فروعُها وقامَ الدليلُ على صحةِ كلِ واحدٍ منهما بنطقٍ أو ببينةٍ تَنطق، جازَ أن يُعلل بكِل واحدةٍ منهما، وكذلك إذا دلَّ على صحة كلُّ واحدة منهما الإِجماعُ.

ومثال ذلك: أن بيعَ السمك في الماء لا يجوزُ، وهذا حكم متفق عليه، ومعلل بأنه غير مملوك للبائع، ومعلل أيضاً بأنه مجهول الصفة، ومعلل أيضاً بأنه غيرُ مقدورٍ على تسليمه، فإن حصل في شبكةِ الصياد سمك بحيث لا يمكنهُ أن يتخلصَ، فقد ملكه، فإن كان فشاهَداً مَرئياً صحَ، إمَّا في شَبَكَةٍ أو بركة صافيةِ الماءِ بحيث كُشفَ للناظرِ من وراءِ الماءِ الصافي، صَحَّ بيعُه، لحصولِ الملكِ والرؤيةِ والقُدرة على


= والترمذي (٨٣٧١)، وابن حبان (٥٦٣٣)، وأحمد ٦/ ٣٣، ٨٧، ٢٥٩، والنسائي ٥/ ٢٠٨، والبيهقي ٥/ ٢٠٩.
(١) لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة". أخرجه أبو داود (٤٤٦٤)، و (٤٤٦٥)، والترمذي (١٤٥٤)، وابن ماجه (٢٥٦٤)، والبيهقي ٨/ ٢٣٣ - ٢٣٤، وأحمد في المسند (٢٤٢)، والحاكم ٤/ ٣٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>