للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقَّها، وهو قولُه: ما هو مثلُه. وهذا إجماع، وإنما يقعُ الاجتهادُ منا في معرفةِ العلَّةِ ومعرفةِ النظيرِ.

ولو لم يأمرْنا بالقياسِ عليه لكن نص على علتِه بأن يقولَ: حرمتُ هذا لكذا، فإنه يجوزُ القياسُ عليه، واجتهادُنا يقعُ في طلب النظيرِ ووجودِ العلَّةِ فيه، دونَ معرفةِ العلَّةِ.

وكذلك لو أجمع العلماءُ على علته، كان حكمُه حكمَ ما نصَّ عليهِ صاحبُ الشرع، وكذلكَ لو أجمعَ العلماءُ على تعليلهِ ولم يثبتوا علته، فإنَه يجوزُ القياسُ عليه، وكذلك إن دلتْ الدلالةُ على تعليله، جازَ القياسُ عليه.

وقال بشر المريسي (١): لا يجوزُ القياسُ على أصلٍ ما لم يكنْ منصوصاً على علتِه أومجمعاً على علتِه.

وقال قومٌ: لا يجوزُ القياسُ على أصل لم يرد النصُّ بالقياسِ عليه.

وهذا غيرُ صحيح؛ لأنَّ أصحابَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ورضوانُ اللهِ عليهم قاسوا على أصولٍ لم يرد النصُّ بالقياسِ عليها بعينِها، ولا وردَ النصُّ على عللِها ولا تعليلها، ولو كان ثم نص لبانَ لنا وظهر، كما ظهرَ حكمُ الأصل.


(١) هو أبو عبد الرحمن بشر بن غياث بن أبي كريمة العدوي البغدادي. غلبَ عليه الكلام، وانسلخ من الورع والتقوى، وقال بخلق القرآن، حتى كان عينَ الجهمية وعالمهم، فمقته أهل العلم، وكفره العديدُ منهم.
انظر: "تاريخ بغداد" ٧/ ٥٦ - ٦٧، و"الوافي بالوفيات" ١٠/ ١٥١، و"سير أعلام النبلاء"١٠/ ١٩٩ - ٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>