الضَّلالةَ إذا ثَبَتَتْ في حق الجماعةِ كانت في حق الواحدِ كذلك.
ومعلومٌ أنَ النبى صلى الله عليه وسلم قال:"إذا اجتهد الحاكمُ فأصابَ، فله أجْران، وإذا اجتهد فأخطأ، فله أجر"، وما فيه أجر لا يُسَمَّى من الجماعة ضلالةً.
فالأشْبَهُ أن يكونَ هذا الحديثُ إنْ صحَّ، راجعاً إلى أنَ أمَّةَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم لا تجتمعُ على عبادةِ غَيْرِ اللهِ، ولا على مُخالفةِ ما جاءَ به رسولُ الله في أصْل، بخلافِ امَّة موسى حيث عَبَدتِ العِجْلَ في حال غيْبتهِ، وعَبَدتْ عُزيراً بَعْدَ وفاته، وأمة عيسى اتَخذَتْهُ وأمَّه إلهيْنِ مع الله سبحانه، وهذه الأمةُ لا تجتمعُ على ما هو كهذه الضَلالاتِ، بل إنْ شَذَت منها طائفة مَرَقَتْ، فإنَما تَمْرُقُ وَحْدَها، والكلُّ عادلون (١) عنها، مبَدعون (١) لها، وغايةُ ما ينتهي إليه مُبْتَدعةُ هذه الأمةِ الابتداعُ في إثباتِ وَصْفٍ من أوصافٍ لا تَليقُ به، أو جَحْدُ وَصْفٍ يَنْبغي أن يُوصَفَ به لنوع من تأويل، أو شُبْهَةٍ بظاهرِ تنزيلٍ، وانْ عوَّلَ على الأمَّةِ، فلايثبت له شيء مما رامَ.
وُيقالُ له أيضاً: فالاختلافُ أيضاً لا يكونُ عِلَّةً إلَأ أن يكونَ على كَوْنِها عِلَّةً دليل شَرْعيٌّ كغَيْرِها من العِلَلِ، ولأنَّ الاختلافَ يتضمَّنُ خِفَّةَ حُكْمِ اللَّحْمِ، وذلك معنىً موجودٌ فيه قَبْلَ الاختلافِ. وكذلك إن جَعلَ الاختلافَ علَّةً لقولهم في المُتَولدِ بين الظباءِ والغَنَم: إنَه مُتَولدٌ من حيوانٍ تجبُ فيه الزكاةُ بالاتفاقِ، فإن اعترضَ عليهَ بأن الاتفاقَ حادِث، كان الجوابُ بما مضى، وأن الاتفاقَ يدذ على تأكُدِ الزكاةِ فيه.