العِلَّةُ. وقد تبيَّنَ ذلك في الأصلِ أو الفَرْعِ أو فيهما.
وقد اختلفوا: هل يُؤثرُ ذلك؟ فقال قَوْمٌ: جميعُ ذلك قادحٌ في العِلةِ.
وقال قومٌ: لا يشترطُ التأثيرُ في الأصلِ ولا في الفَرْع، بل يكفي أن يكونَ مؤثراً في موضعٍ من الأصول، وهو مذهبُ القاضيَ الإمام أبي الطيبِ (١) -رضي الله عنه.
مِثالُه: قولُ أصحاب الشافعيُّ في المُرتد: يجبُ عليه قضاءُ الصلوات؛ لأنه ترك الصلاة بمعصيةِ، فأَشْبهَ السكرانَ.
فيقول أصحابُنا وأصحابُ أبي حنيفة: لا تأثيرَ لهذا الوَصْفِ في الأصلِ؛ لأنَّ السكران لو لم يكن عاصياً بالسكرِ بأن كان مُكْرهاً على الشرب أو مُتداوياً به عندهم بفتوى مُفْتٍ أفتاه بالتداوي، أو دَفَعَ اللقمةَ المُخنقَة بِجرع تجرعها منه إذ لمِ يَجدْ بُقْربهِ سواه، فأسكَرَتْهُ تلك الجُرَعُ، أَو شربَها جاهلاً بأنها خَمْرٌ فأسْكرتْهُ، فإنه في هذه المسائل كلَّها لم يَعْصِ بالشُّربِ، ويقضي ما ترك من الصلواتِ حالَ السكرِ.
فالجوابُ عن هذا على قَولِ مَنْ رأى التأثيرَ في أصل من الأُصولِ وموضع منها كافٍ أَن يقولَ: للمعصيةِ تأثيرٌ في القَضاءِ، وذلك إذا شَرِبَ دواءً ليزولَ عَقْلهُ فزال، لم يسقط عنه فَرْضُ الصلاةِ ولزِمَهُ القضاءُ.
(١) هو أبو الطيب الطبري، من كبار فقهاء الشافعية، مات سنة (٤٥٠ هـ)، انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" ١٧/ ٦٦٨ و"طبقات الشافعية الكبرى" ٥/ ١٢، وانظر قوله هذا في "لمع الشيرازي": ١١٤.