للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو لم يَقْصدْ ذلك، أو زال عَقْلُهُ بغيرِ فِعلهِ رأساً لم يجب عليه قضاءُ الصلواتِ التي لم يؤدها حالَ زوالِ عَقلِهِ، وكان ذلك لمعنىً يعمُّ كلَّ معصيةٍ؛ وذلك أنَ العَقْلَ شَرْطُ الخِطاب، فإِذا تَسَبَّبَ لِإزالتهِ كان ذلك إِطْفاءً لنورِ الله وتعرضاً لإسقاطِ خطابهِ، فكان أهلًا أن يبقى عليه الخِطابُ تغليظاً؛ إِذْ لم يسقُط الخطابُ عمن زال عَقلُهُ لا بفِعْلهِ إلا تَخْفيفاً من الله ورحمة.

واحتج مَنْ سلك هذا في بيانِ التأثيرِ، بأن التأثير دِلالة على صحةِ العلَّةِ، بحيث ما وُجِدَ دل على كونِها عِلَّةً في هذا الحكمِ وإِنْ لم يؤثَر في هذا المَوضعِ.

والذي يوضحُ ذلك ويشهدُ له: أنَّ العِلةَ يجوزُ أنَّ تكونَ لازمةً في الأصلِ لا يُمكنُ انتزاعُها منه، فلا يكونُ عدمُ تأثيرِها في أصلِ العلَّةِ وفَرعِها مانعاً من كَونِها عِلَّةً. والصحيح عند أكثرِ المُحقَقين: أنَّ العِلَةَ إذا لم تؤثرْ في أصْلِها كانَتْ فاسدةً لأنَه متى لم يكن لها تأثير في الأصلِ، فليست عِلَّةً فيه، ولهذا لا يُمكنُ تعليلهُ بها، فالقائسُ، إِنَما يدعي ثُبوتَ الحُكْمِ في الفَرعِ لوجودِ علةِ الحُكْمِ في الأصلِ جاريةً على الفَرْعِ.

وبيانُ ما ذكرنا أنَه لا يُمكنُ تعليلُ الأصل بها، فنقول فى السكرانِ: إنَّه وجبَ عليه القَضاءُ لأنَّ عَقلَه زال بمعصيةٍ، إذْ لا فَرْقَ فيه بين أن يكونَ بمعصيةٍ أو بغيرِ معصيةٍ، ولا يجوزُ أن يُعللَ الأصلُ بوصْفين يحتاجُ الأصلُ إلى وُجودِ أحِدهما في ثُبوتِ حُكْمهِ.

وإِذا زال عَقْلهُ بغيرمعصيهٍ، وهو أن يكونَ أكْرِهَ على الشربِ، فإِن

<<  <  ج: ص:  >  >>