القضاءَ يجبُ، ولا بُدَّ أنَّ يكونَ لهذا عِلة ليستْ ما ذكره، وتلك العِلةُ تَشْمَلُ المُكْرَهَ وغَيرَ المُكْرَهِ.
فأمَّا قولهم: إنَ التأثير دليلٌ. فليس بجوابٍ، لأن الاعتراضَ بعدَمِ التأثيرِ نَوْعُ إِفسادٍ للعِلةِ، وليس بمُطالبة بدليلٍ على العِلةِ، ولو كان مطالبَة بالدليلِ لم يكن صحيحاً؛ لأنَه ليس يتعينُ على المُسْتَدل أنَّ يَدلَّ بدليلٍ دون دليلٍ على صحةِ العلَّةِ، ويجوزُ أن يكونَ دليلُه غَيْرَ التأثير، وكان يكفيه أن يقول: على العلَّةِ دليلٌ غيرُه، فلا معنى لهذا السؤالِ، ولأنه لو كان تأثيرُها في موضع من أصولِ كافياً في تعليقِ الحُكْمِ بها، لم يحتج إلى ذِكْرِ الأصول، فإِنَّ ذلك الموضعَ يثبت صحَتها وتعلقَ الحكمِ بها في الفَرْعِ، كما أثْبَتَهُ بذلك في الاصْلِ.
فإِن قيل: في الأصل الحُكْمُ ثابتٌ والفَرْع لم يثبُتْ فيه. قيل: إذا ثَبَتَ وجودُ العِلةِ لهذا الحُكْمِ في هذا الفَرْع ثبت بذلك الحُكْمُ فيه؛ فأمَّا الأصلُ الذي لا يُمكنُ انتزاعُ العلَّةِ منهَ فلا يلزم، لأنا لا نقول: إِن زوالَ العلَّةِ والحُكْمِ شَرْطٌ، وإِنما نقول: إِنَ زوالَ العلَّةِ مع بقاءِ الحكمِ لا لعلةٍ خَلَفَتْها مُفْسِدٌ لكونِها عِلَّةً.
فإن قيل: فكذا نقولُ في المَوضعِ الذي لايؤثر، مثلَ أنَّ يَحْرُمَ وطؤها بالإِحرام والصوْم، فإِذا زال أحدُهما بقي الآخَرُ، فكان التحريمُ باقياً. قيل: إِنَ كان الذَي خَلَفَ هذه العِلةَ بقي الحُكْمُ لبقائهِ يجوز أن يرتفعَ مع بقاءِ هذه العِلَّةِ، كالذي ذكَرْتموه في الصوم والإحرامِ، فلهذه العِلَةِ تأثير يُمكنُ بيانُه، وهو أن تزولَ التي خَلَفَتها ويبَقى التحريمُ متعلقاً بالعِلَّةِ، فإِذا زالت العِلَّةُ زال التحريم، وان كان ما خَلَفَ العِلَةَ