للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقول الشافعيُّ: هذه الزيادةُ ذكرتُها لتقريب الفرع من الأصل، وان ما بعد الدِّباغ يجري مَجْرى حالِ الحياةِ بدليلِ أنهمَا يستويان في إيجابِ الطهارةِ، وإذا لم تؤثر الحياةُ في طهارةِ جلدِ الكَلْبِ دل على أنَّ الدِّباغَ مثلُه، وتقريبُ الفَرْعِ من الأَصلِ يزيدُ في الظَّنِّ، فلا يُعَدُّ حَشْواً.

فصل

ومن ذلك: إذا كان التأثيرُ على أصلِ المعللِ، نَظَرْت، فإن كان ذلك في الأصل المقيس عليه، يسقط سؤال المُعترِض له، فلا تأثيرَ لهذه العلَّةِ في الأصلِ؛ لأن المُعللَ لا يُسلمُ ذلك.

مثالُ ذلك (١): أَن يُعلِّلَ الشافعيُّ في إنكاحِ الثَيّبِ الصغيرةِ أَنّها حُرَّةٌ سليمةٌ موطوءةٌ في القُبُلِ، فلا يجوزُ إجبارُها، كالكبيرةِ.

فيقول [المعترضُ]: لا تأثير لهذه الأوصافِ في الكبيرةِ، فإنَها لا تُجْبَر وإن لم تكُنْ مَوْطوءةً في القُبُلِ.

فيقول الشافعيُّ: لا أُسلمُ، فإنَ عندي تُجْبَرُ البكرُ الكبيرةُ.

فإن عدل المعترِضُ عن ذلك الى المطالبةِ بالدليل على صحةِ العِلةِ، دل بأن النبى - صلى الله عليه وسلم - جعل للثُيوبةِ تأثيراً فقال: "الثيبُ أحقُ بَنْفسِها، والبكرُ تُستَأذنُ فى نَفْسها" (٢) وإن كان في غَيرِ الأصلِ لم يكن ذلك دليلًا عَلى صحةِ العلَّةِ؛ لأَن تأثيرَ العلَّةِ على أصلهِ بمنزلةِ طَرْدِها، لأنه لما جعلها عِلَّةً أجراها في معلولاتها ورَفعَ الحُكْمَ بارتفاعِها، وهذا


(١) انظر "التمهيد" ٤/ ١٢٨، و"المغني" ٦/ ٣٤٤.
(٢) أخرجه مسلم (١٤٢١) وأبو داود (٢٠٩٨) والترمذي (١١٠٨) والنسائي ٦/ ٨٤ من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.

<<  <  ج: ص:  >  >>