للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثْل أن يدعي أن الكَيْلَ عِلة في أعيانِ الرِّبا ثم يُبَيِّن صحتَها بأن الفواكه لا رِبا فيها، لأنها ليست مكيلةً.

فيقول المُعترضُ: لا أسلِّمُ ذلك الحُكْمَ، وإنما ذُهب أنَّه لا ربا في الفواكهِ لأنك جَعلتَ العلَّةَ في المنصوصِ عليها الكَيْلَ، فلا يكونُ ذلك دلالةً على صحةِ كَوْنِ الكَيْلِ عِلَّةً.

فصل

إذا لم يكُن للوصفِ تأثير في الأصلِ، ولا في شيءٍ من الُأصولِ لم يكُن عِلَّةً، وعلى ذلك أَكثَرُ الناسِ وجماعةُ أَصحابِ الشافعيّ، وكل من لم يَجْعَل الطردَ دليلًا على صحتِها.

مثالُ ذلك: ما قاسَ بعضُ الفقهاءِ القائلين باعتبارِ العددِ في أحجارِ الاستجمارِ، أنها عبادة تتعلَّق بالأحجارِ لم تَتَقَدمْها معصيةٌ، فاعتُبرَ فيها العَدَدُ، كَرَمْي الجمارِ، فإن قولَهُ: لم تتقدمْها معصيةٌ لا تأثيرَ له في الأصلِ ولا فيَ الفَرْعِ؛ فإنَّه لا فَرْقَ في الاستجمار (١) بين أَن يتقدمَهُ معصيةٌ أو لا يتقدمَة حتى لو أنه أحدث في مسجدٍ فإنه قد تقدَّمه معصيةٌ، ومع ذلك يُعتبرُ فيه العددُ (٢).

وكذلك رَمْيُ الجِمارِ لو تقدمه خذف بالحصى قَلَعَ به عُيونَ الناسِ ثم رمى فإنه قد تقدمه معصيةٌ، ويعتبر فيه التكرار.

فيقول المعللُ: تأثيرُهُ في الرجْمِ للمُحصَن (٣)، فإنه لما تقدمَتْهُ


(١) في الأصل: "الاستنجاء".
(٢) انظر "التمهيد" ٤/ ١٣١، و"المغني" ١/ ١٢٧ - ١٢٩، و"المحفَى" ١/ ٩٥، و"شرح الكوكب المنير" ٤/ ٢٩.
(٣) في الأصل: "للتحصن".

<<  <  ج: ص:  >  >>