للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالطلاقِ؛ بأنَّ عَقْدَ النكاحِ خلا عَنْ تَسْميةٍ صحيحةٍ، فوجب بالطلاقِ قبل الدخولِ المُتْعَةُ، فيُعارضُه الشافعيُّ بأن هذا مَهْرٌ وجَبَ قبلَ الطلاقِ، فوجب أن يتَنصَّفْ بالطلاقِ قَبْلَ الدخول، كما لو سُميَ في العَقْدِ (١).

فيقول الحنفيُّ: ينتقضُ ذلك على أصْلي بالمُفَوضةِ إذا فُرِضَ لها المهرُ قبل الطلاقِ. فيقول المعترضُ: هذه حُجةٌ عليك في ذلك الموضع، كما هي حُجةٌ هاهُنا، ولو جاز لك أن تُبطلَها بذلك الموضعِ، لأمْكنَكَ أن تُبطلَها بالمسألةِ التي تكلمْنا فيها، ولا بُدَّ أن يكون لك دليلٌ يمنعك من استعمالِ هذا القياسِ في هذين الموضعَيْن، فتحتاج أَن تُثْبِتَهُ؛ لتسقطَ عنك المعارَضةُ.

ويُفارقُ القياسُ دليلَ الخطابِ؛ لأن دليلَ الخطاب ليس بحُجةٍ عنده، والقياسُ عنده حُجةٌ، فلا يتركُه إلا بما هو أوْلىَ منه.

فأمَّا إذا قال المستدل: إني لا أعرفُ الروايةَ في المسألةِ التي أَلْزَمه إِياها المعترضُ نَقْضاً، فقد قال بعضُ أصحاب الشافعيُّ: ينبغي أن يقولَ له المعترضُ: ينبغي أن لا تحتج بهذا القياَس، لأنك تعلمُ أنه سليم من النقْضِ.

ويمكنُ المسؤول أن يقولَ: هذا القياسُ حُجةٌ ما لم أعلمْ ما يُفْسدُهُ، كالتمسكِ باستِصْحابِ الحالِ، وبالقياسِ، مالم يُعْلَم هل نزل نصٌ في الحُكْمِ في عصرِ النبى - صلى الله عليه وسلم -، فإنه يجوزُ ما لمْ يَسْمَعْ نُزولَ نَصٍّ، ولايُقالُ: إنه عَمِل بالشكِّ.


(١) انظر "التمهيد"، ٤/ ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>