للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثالُ ذلك: قولُ الحنفيُّ في المضمضة: إنها تجبُ في الغُسْلِ لأنها عُضْوٌ يجبُ غَسْلُهُ من النجاسة، فوجب غَسْلُهُ من الجنابةِ كسائر الأعضاءِ.

فيقول الشافعيُّ: هذا يبطلُ بالعَينِ.

فيقول المخالفُ: العَيْنُ عندي لا يجبُ غَسْلُها من النجاسة، فلا يلزمُ النَّقْضُ (١).

الثالث: أن يَدْفَعَ النقْضَ بمعنى اللفْظِ، وذلك شيئان: مقتضى اللفظ، وتَفْسيرُ اللفْظِ.

فأمَّا مُقْتضى اللفْظِ: فهو مِثْلُ أَن يقولَ الشافعيُّ في مَهْر المُسْتكْرَهَةِ على الزنا: ظَلَمها بإتلافِ ما يتقوَّم فلَزمَ الضمان، كما لو أتْلَفَ ما لَها عليها (٢).

فيقول الحنفيُّ: هذا ينتقضُ بالحَرْبى إذا وطِئها.

فيقول: قولنا: ظَلَمَها، رجع إلى هذا المستكرِهِ الذي هو من أهلِ الضمانِ، إذْ لا يجوزُ أن يَخْلو قولُنا: ظَلَمها، من فاعل مُعَينٍ تعودُ "هاء" الضميرِ إلِيه، وليس إِلا هذا المُسْتكرِه الذي هو من أهلِ الضمانِ، فصار كأنا قلْنا: هذا الذي هو من أهلِ الضمانِ ظَلمها (٣).


(١) انظر "الاختيار لتعليل المختار"١/ ١١، و"فتح الباري" ١/ ٤٨٣.
(٢) انظر "المهذب" للشيرازي ٢/ ٦٢، و"التنبيه" له: ١٠٨، و"المغني" لابن قدامة ٥/ ١٦٦.
(٣) "لتمهيد"٤/ ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>