فقد اختلف القائلون بصحةِ القلب في هذا القَلْب: هل هو صحيح أَم لا؟ فقال قومٌ: ليس بصَحيح، لأنهِ وُجِدَ في الفَرْعِ استواءُ حُكْمِ الإقرارِوالإيقاع في عَدَم الصحةِ وفى الأصلِ استواء الإيقاعِ والإقرارِ في الصحةِ، فحكمُ الأَصلِ والفَرْع متضادان.
ومنهم مَنْ قال: يصح، والحُكْمُ في الأصلِ والفَرْعِ سواء لأن الحُكْمَ إنما هو التسويةُ بين الإيقاعِ والإقرارِ دون صحتهِ وفسادهِ، وهذا حُكْمٌ صحيحٌ يجوزُ أن يَنُص صاحبُ الشريعةِ عليه، فيقول: الإيقاعُ والإقرارُ يَسْتَويان، فكل موضع دل الدليلُ على أحدِهما صح الأمْرُ، ومتى فَسَدَ أحدُهما، فَسَدَ الآخرُ.
إذا ثبتَ هذا، فإن من الناسِ مَنْ يقول: التصريحُ بالحُكْمُ أوْلى، فكُل مُصَرح بالحُكْمِ يكونُ تعليلُه أولى مِنْ تَعْليلِ مَنْ لايُصَرِّحُ، كما أن النص مقدمٌ على الظاهرِ والعمومِ، وإليه ذهبَ بَعْضُ الشافعيةِ.
وذهب آخرون: إلى أنه لا يُقدمُ ولا يرَجحُ بتصريحِ الحُكْمِ، لأن الحُكْمَ هو التسويةُ على ما قدر، والتسويةُ بين الإقرارِ والإيقاع مصرحٌ به، ولا عِبْرَةَ بعدمِ التصريحِ بالصحة والفسادِ، كما أن وقوعَ الطلاق يُصَرحُ به، ولا يُشبهُ هذا ما ذكروه، لأَن الخاص إذا قضى على العام لا يُبْطُله بل يَبْقى حُجةً فيما لم يتناوَلْهُ الخُصوصُ، وها هُنا متى ثبتَ وقوعُ الطلاقِ، بطَلَ التساوي بين الإقْرارِ والإيقاعِ، ويكون الكلامُ على هذا القَلبِ، كالكلامِ على النوعِ الأولِ.
فصل
وقد يُشَبهُ بالقَلْبِ ويُجْعَلُ كالنوعِ منه جَعْلُ المعلولِ علَّةً والعِلَّةِ