للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجوابُ: أنَّ ما طريقُه الدِّلالةُ والأمارةُ يجوزُ فيه مِثْلُ ذلك، وعللُ الشرعِ من هذا القبيلِ، فيجعل عدم حُكْمِهِ دليلاً على فسادهِ، لأنَ العَقْدَ يُعْقَدُ لإفادةِ أحكامِهِ، ولهذا لو شرط إِسقاطَ حُكْم من أحكامهِ، فَسَدَ العَقْدُ.

وكذلك إنْ قال: اعتبرتَ الوضوءَ بالتيمُّمِ في النيةِ، والتيمُّم بَدَلٌ والوضوءُ اصل، فلا يُعتبرُ الأصلُ بالبَدَلِ.

فالجوابُ: نَحْوُ ما مضى.

وكذلك إن قال: إنَّ حُكْمَ الأصلِ أقوى من حُكْمِ الفَرْع في قياسِ أصحابنا وأصحابِ الشافعيُّ موضعَ الاستنجاءِ على سائرِ اَلبَدَنِ في وُجوبِ الَإزالةِ فيه.

فيقولُ المُعترِضُ: النجاسةُ الموجودةُ في سائرِ البَدنِ آكَدُ حكْماً، ولهذا يجب إزالتُها بالماءِ بخلافِ موضعِ الاستنجاءِ.

فالجوابُ: أن العِلةَ الموجبةَ للإزالةِ يشتركُ فيها الأصْلُ والفَرْعُ، فوجبَ اعتبارُهُ به وتأكد الأصلُ في حُكْم آخرَ لا يَمْنَعُ القياسَ، لأن الاصلَ يكونُ اقوى من الفَرْعِ، فإنَه يثبتُ بالنص أو يَقَعُ الإجماعُ على حُكمهِ، ولا يمنعُ ذلك القياسَ عليه (١).

ومِثْلُ هذا أيضاً: قياسُ النبيذِ في التحريمِ على الخَمْرِ، وإنْ كان تحريمُ الخَمْرِ آكَدَ فإنه يوجبُ قليلُه الحد والتفسيقَ ويكفُرُ مُسْتَحله، إلا أن العلَّةَ المُوجبةَ للتحريمِ يشتركان فيها، فكان الفَرْعُ معتبراً به.


(١) انظر"التمهيد"٤/ ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>