للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفَارةِ والقَتْلِ على الصبيِّ اعتباراً بالدَيَةِ، وكذلك اعتبر الشافعيُّ الحيَّ بالميتِ في [عدم] إِسقاطِ المَضْمَضَةِ والاستنشاقِ في غَسْلِهما.

فالجوابُ عن ذلك ما مضى، وُيزادُ في حقِّ الميتِ بأن يقولَ الشافعيُّ: إِنِّي لم أعتبِرْ الحيَّ بالميِّتِ بل الحيَّ بالحيِّ، لأنَّ الغُسْلَ الموقَعَ في الميت إنّما يجبُ على الحيِّ، ولأن ايجابَ الغُسْلِ في حق الميِّتِ آكَدُ لأنَه لا يجبُ إلأ مُسْتَوْعَباً، وغُسْلُ الحيِّ ينقسُم إلى استيعابٍ واقتصارٍ.

وكذلك: إن قال أصحابُنا وأصحابُ الشافعيُّ لحنفي: اعتَبَرْتَ غَيْرَ النبى بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم في عَقْدِ النكاحِ بلفْظِ الهِبَةِ، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مخصوصٌ في النكاحِ بأحكام كثيرةٍ.

فيقول المستدل: إِنَّ ما جازَ للنبى جاز لغيرهِ إلا أن يَثْبتَ تَخْصيصٌ له في حكمٍ بعينه، ويحتاجُ المعترضُ أن يُثْبتَ أنَّه مَخْصوصٌ بذلك، لقولهِ تعالى: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: ٥٠] حتى يصحَّ سؤالُه وتقربَ الدلالةُ من الآيةِ.

وكذلك إِن استدلَّ حنبليٌّ أو شافعيٌّ في أَنَّ النكاحَ الموقوفَ (١) ليس بصحيحٍ، لأنَه عقد لا يملكُ الزوجُ المُكلفُ ايقاعَ الطلاقِ فيه، فكان فاسداً، كنكاحِ المُعْتدةِ.

فيقول المعترضُ: هذا اعتبار فاسدٌ، لأن الطلاقَ من أحكام العقدِ وفروعِه، فلا يجوزُ أَن يُستدلَّ بفسادِ الفَرْعِ على فسادِ الأَصلِ.


(١) النكاح الموقوف، هو عقد نكاح اشتُرطت إجازته من الولي أو أحد الزوجين أو السيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>