للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المسألةِ الثانيةِ من دليلٍ من الأدلةِ التي ذَكْرناها، فعلى مَنْ أوْجبَ الخروجَ من الصلاةِ دليلٌ، وعلى مُوجِب المضِيً فيها دليلٌ، وعلى مَن جَوزَ المُضِيَّ فيها ولم يوجِبْهُ دليل، إنَ ذهبَ إِليه ذاهب، سِيما مع وقوع الخلافِ.

فإِن قيلَ: فسبيلُ ما تَمسَّكْتُم به في براءةِ الذِّممِ سبيلُ ما ذَكَرْتُم؛ لأَن دليلَ العقلِ إنما دَل على براءةِ الذِّمه من الكفّارةِ، وما زادَ على ثُلْثِ الدِّيةِ، ما لم يُوجب القَتْل، حتى لو أَوجبه مُوجِبٌ قبلَ القتلِ لأَثِمِ وحَرجَ (١)، ولمّا تجدَّدَ القتلُ، ساغَ الخِلافُ، وزالَ ما كان من حُكم ذلك الأصلِ.

قيل: الأصلُ هناكَ -وهو براءةُ الذمة- دل عليه دليلُ العقلِ، والخِلافُ المتجدد عليه لا يُزيلُ سُلطانَهُ، وليس في قوى الخلافِ ذلك، فأمّا ما نحن فيه مِن الأصلِ الثابتِ بإجماع المُجتهدينَ، فإنه إِنما تناولَ مسالةً مخصوصة -وهي دخول في الصلاةَ بالتيمُم عند عَدم الماءِ-، فلَما تَجددَ طلوعُ الماءِ صارتْ مسألةً ثانيةً علىَ ما قَدَّمْنا، وساغ فيها الاجتهادُ، فزالَ سلطان الِإجماعِ بما بَينَا من الأحكام في مسألةِ عدم الماءِ، ثُم في الثانيةِ من سوغانِ الاجتهادِ، وجوازِ استِفتاءِ العامِّيِّ لمَنَ شاءَ مِنَ المُختلفين فيه، بعدَ ما كان مُتعيناً عليه اتِّباعُ المحرمِ بالصلاةِ على الصَفَةِ المذكورةِ، والدخولُ فيها من غيرِ تأخير لها عن وقِتها.

فإِن قال المُستصحِبُ للحال: نحن على ما أجمَعُوا عليه مِنَ الدخولِ في الصلاةِ، والتمسك بها إِلى أن ينقُلنا عنها ناسخ.


(١) في المخطوط:"خُرج".

<<  <  ج: ص:  >  >>