للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: ما أجْمَعُوا قَط على وجوبِ المُضِى في صَلاةٍ، ولاعلى صِحتها مع طلوع الماء بل هم في ذلك مختلفُون؛ لأن القائلين بوجوب الخروجِ من الصلاة مع القُدْرةِ على التَوَضَي بالماءِ، انما قالوا في الأَصلِ: إن المُضى في الصلاة واجب أو صحيح بشرِيطةِ عدمِ الماء ولم يقولوا: إِنَ المتيمِّم يَمْضِي في صلاتِه وإن وجدَ الماء، فهو إِذا وجَدَ الماءَ على غيرِ الحالِ التي أجْمعُوا عليها، فقد زالَ الإجماعُ، وعند زوالِه يَجِبُ إِقامةُ الحجَّةِ، وقد أوْضَحْنا مِن قبل أن هذا ليس هو موضعَ الإجماعِ الذي ظنُّوه، فلا معنى للتَّعَلقِ به.

فإِن قالوا: لم يَحصُلْ بعدَ الإِجماع إلا حُدوثُ حادثٍ من رُؤْيةِ الماءِ ووجودِهِ، والحوادثُ لا تَقْلِب الأحكَامَ التي تَثبُتُ بالدليلِ.

قيل لهم: تُقابَلون بأن يقالَ لكم: لم يَحصلِ الإجماع قَط على صحَة المُضِيِّ، ولا ايجابه في الصلاة مع وجودِ الماءِ ولا طلوعِهِ، وإنما أَجْمَعَتِ [الأُمَّةُ] (١) على ذلك عند عدمِهِ، فلا إِجماعَ هاهنا يرجع (٢) إليه.

على أن قولَكمُ: لا يغير الحادثُ أحكاماً، ليس بصحيح، لأنه قد غير أحكاماً من تسويغ الاجتهادِ بعدَ أن لم يَكنِ الاجتهاد سائغاً، وجوزَ للعاميِّ التقليدَ لمَنْ أوْجَبَ الخروجَ من الصلاة بعد أن لم يكُنْ جائزاً، وزالَ سلطان الِإجماعِ بتَجددِ الخلافِ بعد أَن كان ثابتاً.

ثم يقالُ لهم: الحادثُ إذا اخْتلفَ عند وجودِهِ، هل يقْتضِي قَطعَ


(١) ليست في الأصل، واثباتها أنسب للسياق.
(٢) في الأصل: "رجع".

<<  <  ج: ص:  >  >>