للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاةِ مع وجودِ الماءِ، وأن ذلك مُتيَقَّنٌ وهذا مُتوهمٌ، غلط ظاهرٌ، قد كَرَّرْنا دَفْعَكم عنه، فلا معنى لرجوعكُمْ إِليه، وتعلُّقكم به في كلِّ فَصلٍ، وإنما المُجمعَ عليه المُضِيُّ في صلاةٍ لم يَطلع فيه الماءُ، ولا إِجماعَ على المُضِيِّ فيها مع وجودِه، فأين الإِجماعُ، وأْين اليقينُ في هذا؟ وهذا غيرُالوضعِ المُجمعِ عليه.

الوجهُ الثاني من الجواب: أنَا إِنما اسقطْنا حُكمَ الشكِّ في الطهارة بسَمْعٍ، وأوجَبْنا المُضِيَّ على حالة اليقينِ بسَمْعٍ، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سَوَّى بين الحالتين، وأوْجبَ المُضِى على اليقين بالسمع وتركَ الاحْتِفالِ (١) والاعتبارِ بالشك بسمعٍ، ولم يُسقِط حكمه لأنه شكٌّ.

والسمعُ من قولهِ: "فلايَنصَرِفَنَّ حتى يسمعَ صوتاً أويَشَم ريحا"فأوْجبَ إسقاطَ حُكمِ الشك بهذا القولِ ولو لم يَقُلْهُ عليه الصلاة والسلام.

واخْتلَفَ المسلمون عند حدوثِ الشكِّ: فأجاز مجيزون المُضِيَّ في الصلاة، وحَظَرَهُ آخرون، لا حتياجِ (٢) حاْظر ذلك إلى دليلٍ، ومُجوِّزِهِ إلى دليل.

وهذا هو الشاهدُ لنا، أن الأمَّةَ اخْتلفَتْ عند طلوع الماءِ على المُتيمِّم، فمنهم المُجِيزُ والمُوجِبُ للمُضِيِّ في الصلاة، ومنهم المُوجِبُ للخروجِ منها، فاحتاجَ كلُّ واحدٍ مِنَ الفريقين إلى دليلٍ، كما احْتِيجَ في إسقاطِ حُكمِ الشكِّ إلى قوله عليه السلام: "فلا


(١) في الأصل: "الإحفال".
(٢) في الأصل: "لاحتاج".

<<  <  ج: ص:  >  >>