للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقولُ: الاستباحةُ حُكمُ العقدِ وتُسْتَفَادُ به، فلا يكونُ نفيُها يُوجبُ نَفْيَ العقدَ.

وهذا اعتراض فاسد، من حيث إن العقدَ يُرادُ لأحكامِه التي تُستفادُ به؛ إذ ليس يرادُ العقدُ لعَيْنهِ، فإذا وُجِدَ ولم تَتعلقْ به أحكامُهُ لا من جهةِ شرطٍ يحتاجُ إِليه، دَل على فسادِه، كما أننا نَعلمُ صِحَةَ العقدِ ونَستدِلًّ عليه بوجودِ أحكامِهِ ومقاصدِهِ.

فصل

ومن ذلك: أن يُفَرقَ بين الأصلِ والفرعِ بما لا يقَدَحُ في العِلةِ.

مثلُ قياسِ أصحابنا وأصحاب الشافعيُّ النبيذَ على الخمرِ في التحريمِ، فيُفرَقُ بينهَما بالتَفسيق.

وقد بَينّا أنه لا يُوجَدُ الفِسْقُ من التحريمِ، ولا يُنفى التحريمُ بنفيِ التَفسيقِ؛ لأنه يجوزُ أن تَجْلِبَ العِلةُ التحريمَ دون التفسيقِ، فلا يكونُ افتراقُهما في التفسيقِ مانعاً من صِحتِها وجَلْبِها للتحريمِ.

فصل

والفرقُ بين المسألتين يَقَعُ على ضربين:

أحدهما: أن يكونَ بياناً للأصولِ المُفْرَدةِ المُلتزَمةِ لا بعلةٍ، فإنه يَكفِيهِ بيانُها وكشفُ معانيها، ولا يَحتاجُ إلى أصل؛ لأن هذا الفَرْقَ هو مُتطوع به؛ إذ كان لا يَلْزَمُه على طريقةِ مَن لا يرى الكَسْرَ سؤالًا صحيحاً، وهذا هو الجوابُ عن الكَسْرِ، وقد ذَكَرْتُ المذهبينِ فيه (١).


= ابن محمد اللاحم ٢/ ٨٢، و"حاشية ابن عابدين" ٣/ ٩٧.
(١) انظر الصفحة (٢٩٠) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>