للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: الفرقُ القادحُ في الجمعِ، فهذا يَحتاجُ إلى أصل يَرجعُ إليه؛ ليَصِحً قَدْحُهُ، ويكونَ الأصلُ شاهداً لصحِة القَدْحِ؛ إذ الفَرْقُ (١) كالجَمْعِ، والجامعُ لا بُدَّ له من الدلالةِ على صحةِ جمعِه، فالفارقُ كذلك، ومَن أحبَّ أن يُسقِطَ عنه كُلْفَةَ الفرقِ، والدلالةِ عليه، ورَدِّهِ إلى أصلِه، طالبَ المُستدِل بصحةِ الجمعِ.

وإنما احتاجَ الفارقُ إلى أصل؛ لأن فرقه دعوى لا بُرهانَ عليها، وليس شيء من الأصولِ إلا وهو مفارقٌ للآخرِ في شيءٍ يقعُ به الافتراقُ صورةً، فلو لم تُعتبرِ الدَلالةُ والرد إلى أصل، لكَثُرَ الفرقُ واتسعَ لقُرْب مُتناولِه، كما أنه لولا احتياجُ الجامع إلى دَلالةٍ، لاتسعَ القياسُ الجاَري (٢) من تأثيرٍ وجلْبٍ.

وقد قال بعضُهم: لا يَحتاجُ الفارقُ في فرقِه إلى أصل، واختارهُ بعضُ أصحاب الشافعيِّ، وتعلَّقَ بأن الشافعيَّ رحمةُ الله عليه فَرقَ بين الجُنُب إذا كانَ إماماً ولم يَعْلَمْ به المأمومُ، وبين الكافرِ: بأن الجُنُبَ يكون إماماً بحالٍ، بخلاف الكافرِ.

وهذا لا يَلزَمُ؛ لأن كلامَ الشافعيِّ يَرجعُ إلى أن الجُنُبَ من أهلِ الإِمامةِ، فأشبَهَ المُتطهَرَ، والكافرُ بخلافِ ذلك.

وقد قال الشافعيُّ رحمةُ الله عليه في اعْتِدادِ (٣) المبتُوتَةِ: إنها قياسُ المُتوفَى عنها؛ لاجتماعِهما في كونِهما في عِدةٍ لا رَجْعةَ للزَوجِ


(١) في الأصل: "القدح".
(٢) في الأصل: "الحالي".
(٣) في الأصل: "إحداد".

<<  <  ج: ص:  >  >>